تمهيد:
1-إن الإسلام يقيم علاقة المسلم بغيره على أساس من الصدق والإحسان في القول، لقوله تعالى(وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) سورة البقرة، 83، فالقول الحسن مع الناس هو بوصفهم أناسا، كما قال تعالى في الوالدين، (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً)، أي بعنوان الولادة، لا بعنوان الإسلام، فيحسن إليهما ولو كانا كافرين، على طريقة الأصوليين في التعليل بالمشتق، فعِلَّة القول الحسن والإحسان، هما: الإنسانية والوالِديّة.
2-ولكن الإشكال يكون فيما هو القول الحسن الذي يقوله المسلم بما لا يجعل منه شخصا مضطرب الشخصية، يعتقد شيئا منكرا ثم يدعو بالبركة لصاحبه، أو أن يجعل الدين طريقا للمجاملات، بحيث يعتقد المسلم شيئا، ثم يقول بلسانه ما ليس في قلبه، أما فتح التهنئة والمباركة للمسلم وغير المسلم دون قيود، أو منعهامطلقا دون قيود، فكلاهما مُجافٍ للنص الشرعي، الذي يأمر بالإحسان في محله، والنص الشرعي الذي ينهى عن المنكر في محله.
أولا: أمر التهنئة في العاديات واسع ولا نقول إلا حقا:
مهما كان المسلم من أصحاب الكبائر، فتجوز زيارته إذا مرض، أو تهنئته إذا نجح ولده، أو في عرسه بشرط خلو العرس من المنكرات الشرعية، كتناول المحرمات مثل الخمور، أما لو كان المسلم متلبسا بمحظور شرعا، كشرب خمر، فلا يحل لك أن تقول له مبارك، أو هنيئا، لأنه مرتكب منهيا شرعا يغضب الله تعالى، أو تدعو للمسلم بالبركة في الرشوة، أو الربا الذي حصل عليه، فهذا كله لا تجوز التهنئة والمباركة فيه لمسلم ولا لغير المسلم، إذا كان متلبسا بمحرم، والتهنئة والمباركة في المحرم تتنافى مع وجوب إنكار المنكر شرعا، ولا فرق في المحرم الذي يرتكبه المسلم أو يرتكبه الكافر، في عيد أو في غيره.
ثانيا: نقول القول الحسن ولا نبارك المنكرات:
1-فعلى فرض أن كافرا يعبد صنما فلا نهنئه بذلك من باب المجاملة؛ لأننا نكره أن نكون منافقين، بل نحسن القول بالدعاء له بالهداية والبيان الصادق وبما نكون به محسنين، فتجوز الكلمة الطيبة بهذا الشرط، ومثل هذا القول الحسن لا يخدش العقيدة، كالأقوال المشروعة التي تقال في تعزية الكافر بالكافر.
2-جاء في الفواكه الدواني للنفراوي (1120هـ) في شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني في التعزية: (وَلَا فَرْقَ فِي الْمَيِّتِ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، وَلَا بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ، وَلَا فِي الْمُعَزَّى بِفَتْحِ الزَّايِ بَيْنَ كَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا حَيْثُ كَانَ جَارًا فَيُعَزَّى الْكَافِرُ بِالْكَافِرِ لِحَقِّ الْجِوَارِ وَيُقَالُ لَهُ: أَلْهَمَك اللَّهُ الصَّبْرَ وَعَوَّضَك خَيْرًا مِنْهُ).
3-فهذه كلمات نقول فيها قولا حسنا، ولا نكون منافقين في الوقت نفسه، ولا نقول إلا قولا حقا، فقد يعزي المسلم زوجته الكتابية بابنه المسلم، أو بأبيها الكافر، ويقول لها حسنا في مناسباتها الدينية بما لا يتضمن الموافقة على ما يعده الشرع منكرا من القول وزورا، وكل هذا من أمره تعالى: (وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) سورة الإسراء، 53. (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) سورة البقرة، 83،
4-والقول الحسن هنا بعنوان الإنسانية، بشرط أن لا يكون في القول كذب أو نفاق، كالدعاء بالبركة في شرب الخمر، أو ما فيه منكر شرعي، بنسبة الولد والزوجة إلى الله تعالى، فهذا يتناقض مع اعتقاد المسلم، ولكن يقول المسلم كلاما حسنا لغير المسلم بما يوافق أمر الله تعالى بالقول الحسن، وبما لا يتضمن موافقه المسلم على ما يخالف عقيدته.
ثالثا: ما هو حسن القول بما لا يخالف الاعتقاد في احتفالات غير المسلمين بصفة عامة:
يمكن أن يدعو المسلم بالخير، ولا شيء أخير من الإسلام، ويتكلم المسلم بما لا يدل على موافقة المنكر العقدي الذي يتلبس به المسلمون وغير المسلمين في مناسباتهم الدينية والثقافية، كأن يحسن الترحيب، وأن يقول له أرجو لك كل الخير والتوفيق ودوام الصحة والعافية، وينبغي أن تكون هناك ثقافة الإحسان المأمور بها شرعا للذين كفُّوا أيديهم عنا، ولم يتعرضوا بالسوء لديننا ونبينا، وإن المجتمعات المتماسكة لا تقوم على كلام المجاملات والنفاق، ثم إذا خلا بعضهم بأهل دينهم قالوا كلاما مختلفا، فهذا النفاق يكرهه الإسلام، ولكنها تقوم على الإحسان والعدل بميزان الشرع، وأن يساعد الناس بعضهم بعضا، ويقولوا القول الحسن من غير ما يسمى مجاملة بانتهاك حرمة العقيدة.
رابعا:الخلاصة:
لا بد من ملاحظة الدقة في إنزال النصوص الشرعية في محلها، فنصوص الإحسان تنزل في محلها، فلا يبارِك المسلم في المنكرات، سواء كانت في مناسبات المسلمين وغيرهم، وكذلك نقول القول الحسن في محله بما لا يُـقِر صاحب منكر على منكره من تناول المحرمات، أو الاعتقادات الباطلة شرعا، بل الواجب هو النصح بالتي هي أحسن وأقوم قيلا، والبشرية اليوم مكلفة جميعا بالإيمان بنبيها محمد صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) آل عمران (85).
الطريق إلى السنة إجباري
وكتبه عبد ربه وأسير ذنبه
د. وليد مصطفى شاويش
https://telegram.me/walidshawish
25-12-2016
عمان المحروسة
لا فض الله فاك
حفظكم الله وبارك الله بكم دكتور
بارك الله فيكم دكتور وليد وجزاكم كل خير وارجو في المرات القادمة منكم تبسيط بعض الفقرات لتتوائم مع كل العقول فغالبا المخطابون اميون او اكثرهم اميون ….دمتم بخير ومحبيكم
بارك الله فيكم دكتور وليد وجزاكم كل خير وارجو في المرات القادمة منكم تبسيط بعض الفقرات لتتوائم مع كل العقول فغالبا المخطابون اميون او اكثرهم اميون ….دمتم بخير ومحبيكم
بوركتم عالمنا الجليل ونفع الله بكم
بينت لنا الصواب في ذلك ، في حين كثرت وتشعبت الأراء والأقوال واحترنا في ذلك الامر.
انار الله دربك وسدد خطاك لما يحب ويرضى.
بوركت وجزاك الله خيرا افرحتني من كل قلبي حفظكم الله وجعلك درع لدينه ولرسوله والأمة الإسلامية وكشف الله بك الغمه وزادكم من فضله العظيم.
جزاكمُ الله تعالىٰ خَيرًا، وأجزل مَثوبتَكم، وأنعَمَ عليكمْ بنعمه الوافرة ظاهرة وبَاطنة.
جزاكم الله خيرا
تعلمنا منكم اشياء مفيده ربي يجعلها في ميزان حسناتك
غرستم في قلوبنا معنى التميز والابداع
جزاكم الله خيرا
تعلمنا منكم اشياء مفيده ربي يجعلها في ميزان حسناتك
غرستم في قلوبنا معنى التميز والابداع
رغد الزغول
جزاكم الله خيرا أعلنت منكم اشياء مفيده ربي يجعله في ميزان حسناتكم
غرستم في قلوبنا معنى التميز والابداع
جزاكم الله خيرا ونفع بكم الأمه