أشيروا علي أيها الناس
(الجهاد ميثاق الأمة وليس قرارا فرديا)
1-كلمة المهاجرين:
وقف النبي صلى الله عليه وسلم قبل غزوة بدر يعلم أمته لزوم الجماعة والعهود والمواثيق الحامية للأمة المنظمة لطريقة سيرها، في مراجعة لميثاق الدفاع الذي تعهد به الأنصار لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم، وشرع في استشارة ممثلي الأمة في قرار المواجهة مع المشركين في غزوة بدر فقال: أشيروا علي أيها الناس، فقام أبو بكر وعمر فقالا وأحسنا، ولكنهما من فئة المهاجرين ولم يتكلم الأنصار كلمتهم بعد.
2-كلمة الأنصار:
فقام سيد الأنصار وحامل لوائهم سعد بن معاذ، فقال: والله، لكأنك تريدنا يا رسول الله؟ قال: «أجل»، قال سعد: فقد آمنا بك، فصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت فو الذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدوًّا غدًا إنا لصبر في الحرب، صدق في اللقاء، ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله .
3-مركزية الأمة والشريعة وطرفية السلطة:
فعلى أولئك الذين جعلوا من الجهاد فتاوى فراغية وخطب عصماء وتعبئة عامة يتكسبون بها قلوب الجمهور ويلقُون بهم في مهاوي الردى أن يعلموا أن حقيقة الأمة ومركزيتها فوق الفئة والجماعة والشخص، فالأمة هي التي تضحي وتدفع الثمن وليس القائد البطل، أما الجماعات والأحزاب التي تتتجاوز الأمة فإن هذه ستجد نفسها مشكوفة للعدو إذا فقدت تأييد الأمة وتجاوزتها في قرارات سريعة لا تمثل الأمة، فالجهاد ليس حالة شخصية بل سنته الخالدة من النبوة الباقية (أشيروا علي أيها الناس)، والمرجع هو ميثاق الله ورسوله وليس خرافة العقد الاجتماعي .
فقه الجهاد، العقد الاجتماعي، ميثاق الله ورسوله، السياسية الشرعية، الحرب على غزة
المحجة البيضاء
الكسر في الأصول لا ينجبر
عبد ربه وأسير ذنبه
أ.د وليد مصطفى شاويش
عمان أرض الرباط
30-جمادى الأولى -1446
2-12-2024