الأضحية بين الضروري والتكميلي
(نازلة المجاعة في غزة)
1-بين الضروري والتكميلي:
إن الحال في غزة لا يخفى على أحد، فقد سارت بالأخبار ركبان، وأن الغذاء هناك هو في مرتبة حفظ المهجة وبقاء النفوس، وهو فرض متعين على القادرين أن يوصلوا يد الواجب للمرابطين في أكناف بيت المقدس، وعلى فرض أن أضحية واحدة كفَت مائة نفس، وكان ثمنها من الأقوات الضرورية يكفي مائتي نفس، فإن المقدَّم هو الضروري الواجب في بذل الثمن لإنقاذ المائة الأولى والثانية الفائضة على المائة الأولى، ليرتفع الإثم عن الجميع، ولا تعارض بين الواجب المتعين في كفاية الغذاء والسنة العينية في الأضحية، ولا يسوغ تقديم السنة العينية على الفرض العيني.
2-ترجيح اليقيني على الظني:
وتقديم القوت الضروري للعدد الأكبر على الأضحية في العدد الأقل من ترجيح الضروري على التكميلي ليس بسبب التساوي بين الواجب والسنة الذي يتعذر معه الجمع بين الدليلين، إذ لا تساوي بين حفظ نفوس المائتين في القوت، وحفظ نفوس المائة في الأضحية، بل هو من تقديم القطعي الضروري في حفظ النفوس على التكميلي في الدِّين الذي هو شعيرة الأضحية، وما فيها من حظ العبد من الطعام.
3-توافق الفقه أم تناقضات الداعية:
وهذا الترجيح للفرض العيني على السنة العينية، هو عين الترجيح بين حفظ النفوس الضروري في الوباء، على التكميلي في صلاة الجمعة والجماعة، ويظهر بذلك أن قواعد الدين بعيدة عن التعارض في الفقه وإن حصل شيء من التناقض، فهو بسبب الفكر الاجتماعي الديني الذي يمارس الحشد والتعبئة ضد الخصوم، فإن الداعية الذي لم يرجح ضروري النفس في الوباء على تكميلي الجمعة والجماعة في المسجد سيتناقض عليه الحال في غزة، وسيعالج التناقض بالخطابة والتعبئة العامة كالمعتاد،لذلك لا يجوز احتساب تناقضات الفكر الدعوي على الشريعة، وحجة الشريعة في المذاهب المتبوعة التي عليها عمل الأمة.
الكسر في الأصول لا ينجبر
عبد ربه وأسير ذنبه
أ.د وليد مصطفى شاويش
عمان أرض الرباط
5- ذي الحجة -1446
2-6-2025