الارتدادات الفكرية في الحرب على غزة
(ثنائية الحقيقة في القانون الدولي والسياسة العالمية)
1-عندما يلعب العقل في سيرك القانون والسياسة:
أ-ثنائية الاحتلال والمقاومة:
لا يؤمن الفكر الغربي بحقيقة في نفسها، ولكنه يؤمن بتعدد الحقائق ونسبيتها ولو تناقضت، فما يضعه من قوانين ينادي بها في حقوق الإنسان وحق الشعب في تقرير المصير، وثنائية الاحتلال وحق المقاومة، وتوجد عنده حقيقة أخرى وهي المنفعة في السياسة، في إبادة الشعوب المقهورة واحتلال أرضها، وتولَّدت هذه الفلسفة في الفكر الحداثي من محاولة فلاسفة ما يسمى بالتنوير الغربي، بالجمع بين نقيضين وهي الحقيقة الدينية في الكنيسة وحقيقة طبيعية مخالفة لها، ويضاف لها حق الشعوب في تقرير المصير وحق الغزاة في إبادتها وبناء مطاعم كنتاكي وماكدونالدز على جثث الشهداء.
ب-ثنائية المنفعة والموت:
وإن شئت تسيهلا لما أقول، حسبُك أن تنظر إلى علبة الدخان، فأن تدفع ثمنها فهذا اقتصاد ناجح، وأما العبارة الباردة أن التدخين يضر بالصحة ويسبب السرطان والموت فهذا صحة تجب مراعاتها، وإلقاء القنبلة النووية على هيروشيما وناغازاكي ثم توزيع جائزة نوبل للسلام، أما الشريعة فهي تكفُر بثنائية الحقا ئق المتضادة، ونزه الله كتابه عن هذه الخرافة العالمية بقوله: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82)، وقال تعالى : (فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ ۖ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ) وهذا فارق كلي بين كليات الإسلام وكليات الحداثة.
2-ألعاب السيرك العقلي مع شوربة التاريخ:
ولست أستبعد أن ذلك الفكر مستمد من فلسفة ابن رشد الحفيد الذي حاول التبرير للفلسفة والدين معا وهما نقيضان، في كتابه فصل المقال في ما بين الحكمة والشريعة من اتصال محاولا الجمع بين الفلسفة والدين، مما يعني أن الرشدية تضرب من جديد وبقوة، فابن رشد هو صاحب كتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد من أفضل كتب الفقه في الخلاف العالي، ومع ذلك هو الشارح لأرسطو واعتمد عليه الفلاسفة ورجال الدين الكنسي اعتمادا كبيرا.
3-الدين عندما يلعب العقل في سيرك الفلسفة:
وإن محاولة فلاسفة وحدة الوجود في الجمع بين وحدة الوجود الباطلة وحقيقة التوحيد بإفراد الله عن المحدثات ، مستغلين عقيدة أهل السنة في وحدة الشهود عند أهل السنة،جسرا للعبور إلى وحدة الوجود في الجمع بين الخالق والمخلوق في وجود واحد، هو ما انتشر بين المسلمين اليوم فيما يسمى بالقدر المشترك بين الله ومخلوقاته، وتعني حقيقة واحدة تجمع بين الله ومخلوقاته ثم يدعي صاحب هذه الفلسفة أن هذه الفلسفة الوجودية هي التوحيد، ثم يجعل المخلوقات شريكة مع الله في الحقيقة ولكنها مختلفة بالكيف، ليجمع بين الشركة في الحقيقة هي الإثبات، وأن التنزيه في توحيد الكيف.
4-تبديع أئمة الدين بناء على تناقضات فلسفة وحدة الوجود:
ثم يعطف صاحب فلسفة الوجود الواحد في القدر المشترك بين الله وخلقه على أئمة الدين فيتهمهم بالبدعة والضلالة كاتهام الإمام النووي والغزالي هو استمرار لفلسفة وجودية خطيرة على التوحيد، تحاول أن تجمع بين نقيضين وهو توحيد في الكيف وأن زعم الشركاء لله في الحقيقة هو الإثبات، وهذا صريح في زعم حقيقتين متناقضتين الشركاء لله في الحقيقة، ولكن التنزيه في الكيف، وهذا منازع لقطعيات القرآن الكريم العقلية بنفي الشريك مطلقا في حقيقة ومن باب أولى في كيف، لأن الشريك لله من الجمع بين النقيضين.
الكسر في الأصول لا ينجبر
عبد ربه وأسير ذنبه
أ.د وليد مصطفى شاويش
عمان أرض الرباط
12- شعبان -1446
11-2-2025