الارتدادات الفكرية للحرب على غزة
إلى متى التجديد بإقصاء المدرسة السنية
1-لماذا تعفِّرون دم شهداء غزة بغبار الباطنية:
لولا ظهور رائحة الباطنية بإقصاء المذاهب السنية التي عليها العلم لم أكن لأثير حقيقة الباطني الأفغاني وفلسفته التي دعت إلى إقصاء المذاهب السنية من أجل الإصلاح ومقاومة الاستعمار، تحت شعار نبذ التعصب المذهبي، وبعد نحو ثلاث مائة يوم من الحرب على غزة، والأمة فيها أحوج ما تكون إلى الرجوع إلى دينها، ظهرت رائحة الباطنية من جديد، في نبذ المذاهب المتبوعة لأنها -بزعمهم-سبب الفرقة، وذلك من أجل غزة، بالرغم من مرور قرن على الحصاد المر الذي جلبته دعوة التجديد الديني بإعادة النظر في النص وتجاوز المحجة البيضاء في المذاهب التي عليها عمل الأمة.
2-ما تعريف النبوة في العقائد العضدية وشرحها:
جاء في شرح المواقف للعضد في تعريف النبي : (من قال له الله تعالى من اصطفاه من عباده أرسلتك إلى قوم كذا وإلى الناس جميعا أو بلغهم عني)، فالنبوة اصطفاء إلهي بالإرسال والإبلاغ من الله، وعرفه في العقائد العضدية بقوله: (هو إنسان بعثه الله إلى الخلق لتبليغ ما أوحاه الله إليه، وعلى هذا لا يشمل من أوحي إليه لكماله في نفسه من غير أن يكون مبعوثا إليه، كما قيل في زيد بن عمرو بن نفيل) ص9-11، هذا هو تعريف النبي
3-كيف حرف الأفغاني الكتاب الذي يعلق عليه:
هذا هو تعليق الباطني على شرح العقائد العضدية في تعريف النبوة: (وأقول[الأفغاني]: قد يعرف النبي بأنه إنسان فطر على الحق علما وعملا أي بحيث لا يعلم إلا حقا ولا يعمل إلا حقا على مقتضى الحكمة وذلك يكون بالفطرة…) ثم يتحدث عن النبي أنه لا يحتاج فكرا ولا نظرا، بل يتعلم بالتعليم الإلهي والفطرة التي لا يختلف فيها الأنبياء عن بقية الناس، ونسي أن التعليم الإلهي هو لكل البشر والملائكة أصلا لقوله تعالى ( ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء ) فلم يعُد فرق بين النبي وسائر من يلهمهم الله الصواب من غير الأنبياء، كما ذكره صاحب العقائد العضدية عن زيد بن عمرو بن نفيل في العقائد العضدية. لماذا كتم الباطني تعريف النبوة الصريح كما جاء في كتاب العقائد العضدية وشرحه للإمام الدوَّاني، هل هو تسويق بضاعة الباطنية على ظهور أهل السنة؟
4-الحالة النفسية التي يعاني منها عديم المذهب:
هكذا تعلم أن سبب طرده من قبل المشيخة الإسلامية العثمانية لم يكن كما يدعي دعاة التجديد الديني حسدا منهم لأن الأفغاني أعلم منهم، بل لأنه باطني في تعريف النبوة، وأنت ترى كيف كتم كلام العضد وشرحه ولم يناقشه، بل جاء بما نفاه الماتن والشارح، هذا هو زعيم التجديد الديني الذي حارب المذاهب السنية تحت شعار نبذ التعصب المذهبي، ولولا ظهور دعوات منكرة وملتبسة أثناء الحرب على غزة وتريد أن تجدد الدعوة الباطنية في إقصاء المذاهب ما ذكرته بالاسم، لكنني ذكرته لتلحق كل طائفة بأمها، أولئك الذين لبَسوا الحق بالباطل، وعفَّروا دم الشهداء بغبار الباطنية، ونسُوا أن معنى إن تنصروا الله ينصركم، يلزم منه التخلي عن الدعوة الباطنية، والرجوع إلى المحجة البيضاء في عمل أهل السنة في مذاهبهم المتبوعة.
*انظر : صور كتاب عقائد العضد في التعليقات
الحرب على غزة، التجديد الديني، اللامذهبية، المشروع الباطني، المشروع الاستعماري، المشروع السني، الباطنية، نظام الحكم في الإسلام، قضية فلسطين،
عبد ربه وأسير ذنبه
المحجة البيضاء
الكسر في الأصول لا ينجبر
أ.د وليد مصطفى شاويش
عَمَّان/ الرباط
26-محرم-1446
2-8-2024