الشهيد محمد الضيف أمام المِرآة

الشهيد محمد الضيف أمام المِرآة

1-الضيف بين المرايا المحدبة والمقعرة:

أ-منذ بدأت حرب الإبادة على غزة اختلفت الجماعات الدينية في النظر إلى الحرب، بين قادح ومادح على أساس تصنيف الجماعات والأحزاب الدينية وبناء على تضارب رؤاها الفكرية الموروثة عن الأب المؤسس الذي تعتبره الجماعة الرجل العظيم في الفراغ الكبير، وتَضْرب عليه قُبَّة خضراء وتحيطه بِهالةٌ زرقاء، تضع أخطاء الجماعة قُبالَةَ مِرآة محدبة تصغر الذنب الكبير، وتُبْعد الخطأ القريب، وتعيش النرجسية الدينية في الفرقة الناجية، وعُقدة الـمُختاريَّة في الطائفة المنصورة.

ب- بينما تعاني هذه الجماعة من حالة خلع ولادة منذ النشأة، وتنظر إلى أخطاء الجماعة الأخرى بمَرايا مقعَّرة تُقَرّب الخطأ البعيد، وتكبر الذنب الصغير،  يعاني من مركزية السلطة في هذه الجماعات، سواء كانت المركزية مع الإمام الذي يجوز له قتل الثلث لإصلاح الثلثين، وإن يضرب ظهرك ويأخذ مالك، أو تكفير الحاكم بالولاء والبراء واتهامه بالطاغوت، مع إقصاء مركزية الأمة والفقة، وزاد الطين بِلَّة والمريضَ عِلةً اتساعُ فضاءات التواصل للباحثين عن الإعجاب والشعبويات الهائمة في المرايا المحدَّبة والمقعَّرة.

2-الشهيد الضيف في مرآة مُستوية:

أ-أما الفقه فإنه مرآة مستوية صافية وإذا وقف الضيف ورفقاؤه الأبرار أمامها، فلن تظهر في الصورة قشور الأحزاب، ولا زوائد الجماعات، ولا حشو الأفكار، ولا تكبير الأخطاء العسكرية وتحويلها إلى خطايا عقدية وجنائية، كما تَظْهر في المرايا المقعرة والمحدبة.

 ب-ولن أُفاجَأ إذا وقف الضيف وأصحابه الميامين أمام مِرآة الأمَّة والحقيقة الشرعية أن مرآة الأقصى قد قطَعَت تلك الزوائد الدُّودية والقشور العدمية وذلك الحشو الفارغ الذي أهلك الأحزاب الإسلامية والجماعات الدينية، وفرَّق دينها وجَعلَها شِيعا كل حزب بما لديهم فرحون، وقد وجدتك أيها الشهيد الضيف والذين آمنوا معك في مرآة الحقيقة ماءً طاهرا مُطهِّرًا قُراحا عذبا رقراقا صافيا نَمِيرًا سْلسلا سائغا للشاربين، ويشهد الله أن الدمع عليك لساخن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا (إنا لله وإنا إليه راجعون)، (وما شَهِدْنا إلا بما عَلِمْنا وما كنا للغيب حافظين).

الروح المسافرة 

عبد ربه وأسير ذنبه

أ.د وليد مصطفى شاويش

عمان أرض الرباط

غُرة شعبان -1446

31-1-2025

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to top