الفكر الديني المعاصر في تبديل أصول الشريعة  (السبب، والشرط، والمانع)

الفكر الديني المعاصر في تبديل أصول الشريعة

 (السبب، والشرط، والمانع)

1-توضيح: الأحكام الوضعية أصول من الإنشاءات الإلهية:

أيُّ واجبٍ أو حرام شرعا له سبب موجب أو مانع يمنع أو شرط، وهذه الأحكام وضع إلهي لا إنساني، فالزواج سبب لوجوب النفقة، ومانع من زواج أخت الزوجة، وشرط لوقوع الطلاق، وأي تغيير في هذه الأسباب والشروط والموانع هو تغيير  على أصول الشريعة، يؤدي إلى انقلاب فروعها، وتبديل الدين، فتصبح المحرمات مباحات والمباحات محرمات، ويمكن تشبيهها بمطار فيه ثلاثة مدارج، وأحكام الشريعة كالطائرات تنزل عليها، فإذا هُدمت المدراج سقطت الطائرات، لذلك كانت الأحكام الوضعية وضعا إلهيا، وأما بعد الانسلاخ المعرفي عن العلوم الإسلامية، وغزو الحداثة للمعرفة الدينية في جَدل إعادة النظر في النص وتجاوز المذاهب المتبوعة بدأت مرحة أنسنة الشريعة في الفكر الديني المعاصر.

2-مشروع أنسنة الشريعة من داخلها:

أ-إسقاط واجب الزكاة في الزراعة:

بدأ مشروع  أنسنة التدين باستحداث تكاليف جديدة وهدم السابقة، فإحداث مانع التكاليف في الزراعة بطرح ثلث المزروعات من وعاء الزكاة هو إلغاء سبب وجوب زكاته شرعا في الثلث بذلك المانع الذي أحدثه الشيخ برأيه مراعاة للمزارع ولكنه لم يراع من هو  أفقر من المزارع وهو الفقير.

ب-إسقاط واجب الزكاة في إيجارت الدور المقتناة:

 وكذلك إيجاب زكاة العقار  المؤجر  في قيمة العقار العشر قياسا على زكاة المزروعات التي سقيت بالمطر، لأن ما سقي بالمطر ليس فيه كلفة وآلة وكذلك إيجار الدار المقتناة، فهذا استحداث سبب جديد أوجب زكاة العشر  وهي ما لم يجب في العقار المقتنى المؤجر، وأسقط ما وجب من زكاة الإجارة في النقود بمقدار  2.5%، وجعل محلها أحكام الأرض الزراعية الـمَسْقية بماء المطر.

ج-إسقاط تحريم الزوجة باشتراط الطلاق أمام القاضي:

وكذلك الزعم بأن الطلاق الشفهي لا يقع مع أن الطلاق الشفهي مانع من حل الزوجة، ولكن ما يطرحه الفكر  المعاصر  تعطيل الحكم الشرعي الإلهي ما حرمه الله يتوقف على إذن القاضي، وهذه أنسنة واضحة وخطورتها في قوة المشابهة للشريعة الأصل.

3-المتخشعون بالقرآن أم مساطيل مؤسسة تكوين:

هذا ما أعني به أن المتخشعين بالقرآن الذين  منعوا الزكاة في المزروعات، وبدلوا أحكام  زكاة النقد في الإجارات، وأنزلوا أحكام الزرع على النقد، وأحلوا الزوجة الحرام بعدم تحريمها إلا أمام القاضي، وهم الذين أنْسنُوا الشريعة وجعلوها جزءا من الحداثة في مبادئ القانون الطبيعي في التكاليف في الزراعة  وتحليل الزوجة المحرَّمة، وعللوا بالحِكَم البعيدة التي يدركها الإنسان وأبطلوا الأسباب والعلل التي وضعها الرحمن، والخطورة دائما في قوة المشابهة داخل الفكر الديني نفسه، وليس من سكارى مؤسسة تكوين.

4-محاربة دهرانية (علمانية) الدولة والسقوط في دهرانية(علمانية)  المعرفة:

 هذا مع أن الذين صرخوا بالتجديد وجددوا بالصراخ حاربوا دهرانية(علمانية) الدولة، ولكنهم سقطوا في دهرانية المعرفة، وسمَّوا تبديلهم ورُؤاهم الفكرية اجتهادا فقهيا، وتجديدا دينيا، في إعادة النظر في النص وتفكيك ألفاظ الشريعة عن معانيها وتجاوز المذهب المتبوعة، وسيولة المعرفة، فكانوا بسبب قوة مشابهتهم للشريعة أخطر من مساطيل مؤسسة تكوين الذين لا يرقَون المنابر ، ولا يعظون على المقابر، ولا يظهرون في حلقات الإفتاء في الإعلام، وسبب الانقلاب في الأحكام وأصولها في الأحكام الوضعية هو خطورة قوة المشابهة بين العلل العادية والشرعية في الفكر الديني المعاصر ،  حقا ولدت الأمة ربتها.

5-المشكلة في نمط التفكير الديني:

قد يقول قائل هناك الكثيرون لم يشترطوا وقوع الطلاق أمام القاضي، ولا جعل زكاة الإيجارات زكاة الزراعة، فلِم تعمِّم هذه التعميمات الجائرة، والجواب: أنني أذكر  أمثلة على نموذج الفكر الديني السائد الذي قام على إعادة النظر في النص وتجاوز المذاهب المبتوعة، فالأمثلة لا تنحصر ، مع أن المشترك بين الفكر  الديني على اختلاف الجماعات الدينية وأحزابها، متفقة في النموذج، وهي تحت سقفه لا تخرج عنها، ولكنها تفرز  تناقضاتها بناء النموذج الحداثي في التجاوز، ثم تجاوز التجاوز، ونحن اليوم بعد أن استغرق التجاوز  ما يقارب القانون، أمام مخاطر تجاوز التجاوز، وصناعة تجاوز جديد، هذا هو الذي أنبه إليه، النموذج الكلي وليست الجزئيات المتناثرة فيه فهي كثيرة ومتحاربة.

، الفكر الديني المعاصر، عديم المذهب، أصول الفتوى، أصول الاجتهاد، الإحداث في الأسباب، تبديل أصول الشريعة،  القياس عى الأسباب

عبد ربه وأسير ذنبه

الكسر في الأصول لا ينجبر

أ.د وليد مصطفى شاويش

عَمَّان الرباط

18-ذي الحجة-1445

25-6-2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to top