أولا: ولتعرفنهم في لحن القول:
بعد أن أخفقت اللادينية الصريحة في أن يكون لها مكانة في هذه الأمة المؤمنة، اضطُرت طائفة من اللادينيين إلى إعفاء اللحية، والتخفي في ثياب الوعاظ، ولكنك ما زلت تعرفهم جميعا في لَحْن القول، في غمزهم بالجملة في عدالة الصحابة رضي الله عنهم، وحجية السنة، والإجماعات الثابتة في الشريعة، وتفسير القرآن الكريم خلاف أصول التفسير العلمية بحجة الحداثة والتجديد.
ثانيا: هُمُ الباطنية الأولى فاحذرهم:
ولكن أين هم من الحداثة والتجديد؟! وهم يفسرون القرآن الكريم على طريقة أسلافهم، الذين أُمروا بذبح البقرة، وهي واضحة بينة في سوق المواشي، ومع ذلك تشابه البقر عليهم، فالباطنية واللِّحية قدر مشترك بين باطنية بني إسرائيل والملتحين الجدد، وقد تشابهت قلوبهم، وهم يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب، وما هو من الكتاب، فإلى متى تباع خردوات الباطنية القديمة للمستهلك الرديء، في شارع الوكالات الفضائية للثقافة المزيفة.
ثالثا: القرصنة الثقافية على النص الشرعي:
1-إن أي تفسير للنص الشرعي دون أصول التفسير المعتمِدة على اللغة وقواعدها.
2-ومحاولات تعليل أحكام الشريعة بعلل خفية، خارج نطاق مسالك العلة، والخروج من بيان النص الشرعي إلى معانٍ باطنة، لا دليل عليها.
3-والزعم بتخصيص النص الشرعي ودعوى النسخ بالآراء الشخصية التي سميت عقلا افتراء عليه.
4-العبث بالحقيقة الشرعية للإيمان، وإيهام ذوي الأديان الوضعية والمحرفة وتضليلهم، وصدهم عن الإسلام، بالقول إن كل هذه الأديان المتناقضة والمتلاعنة هي منجية عند الله تعالى، والله يقول: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85) آل عمران، ألا إن الباطنيين قد كذبوا، وإن المرسلين قد صدقوا.
5-كلها عمليات قرصنة على النص الشرعي لهدم معانية، وخروج بالنص الإلهي من البيان الواضح للناس، إلى حالة من الغموض التلمودي، التي تسمح لتجار خردوات الباطنية الأولى، بخداع أغرار المستهلكين للثقافة الرديئة، عبر الأضواء الخافتة، وديكورات الاستوديوهات الفاخرة.
رابعا: النفايات الفكرية في مغارة العقل:
1-لا تختلف تلك الاستوديوهات الفاخرة عن المطاعم ذات الأجواء الساحرة، ثم تبين أنها متورطة في صفقات لحوم رخيصة الثمن، مع شركات بيع اللحوم الفاسدة في شهر رمضان، وتملك تلك المطاعم ذات الأجواء الساحرة، قدرة عالية على استخدام البهارات والنكهات، لإخفاء لون اللحم الفاسد ورائحته المنتنة، مرورا في فم المستهلك الرديء، ثم في حاوية المعدة.
2-ولكن معدة ذلك المستهلك الأنيق الرقيق في طلعاته الليلة المتكررة، أصبحت معدة تمساح من الاعتياد على لحوم الميتة، ولا يشعر ذلك الزبون المُرفّه، بما يلقى في معدته من الطعام منتهي الصلاحية، وتتعوذ منه حاويات القمامة، وغَرَّه شكل النادل بربطة عنقه وأناقة هندامه.
3-فما أشبه عقل المستهلك الرديء للثقافة بمعدة التمساح، حيث تم خداعه من المثقف الأنيق فكريا بمحتواه الثقافي المُسمَّم، وجعل عقل المشاهد مغارة مهجورة، لإلقاء النفايات الفكرية فيها دون أن يشعر المستهك الرديء برائحة الباطنية الأولى، التي تشابه البقر على أسلافها الأوائل، ذلك لأن المستهلك يعاني من حالة الشك المزمن، والإدمان على التسكع في نوادي الثقافة الليلية.
للمزيد:
حزب “البقرة الصفراء” الشعبي الديمقراطي
وكتبه عبد ربه وأسير ذنبه
د. وليد مصطفى شاويش
عمان المحروسة
27-6-2017