المفكر الإسلامي والسقوط في فخ المساواة بين الرجل والمرأة

المفكر الإسلامي والسقوط في فخ المساواة بين الرجل والمرأة

1-المفكر  والسقوط في فخ الحداثة:

وقع  المفكر  الإسلامي في فخ المساواة بين الرجل والمرأة، الذي هو من حيث المبدأ معيار  حداثي، في حقنة التقدم والنهضة التي حُقن بها المفكر الإسلامي، ذهب ليظهر المساواة بين الرجل والمرأة وسخَّر لذلك نصوصا كثيرة من الكتاب والسنة بذكر أوجه الشبه، والتقليل من شأن الفوارق الشرعية، مع أن الشريعة لم تتخذ المساواة بينهما أصلا، بل فصلت أحكاما للمرأة مختلفة عن أحكام الرجل في العبادات والأسرة والمواريث والإمامة والدولة، فكان جانب الفرق في الشريعة أكبر في اختصاص كل منهما بما ليس للآخر ، ولا علاقة لذلك بأفضلية عند الله تعالى لأن إناطة التفضيل عند الله بالجنس ذكرا أو أنثى هو تكليف بما لا يطاق، فلا يملك الإنسان اختيار جنسه، وما لا اختيار فيه لا تفضيل فيه، كما أكدْتُ أنه تكليف بما لا يطاق.

2-المفكر يعيد النظر في النص لإنتاج الحداثة داخل الإسلام:

لقد سقط الداعية المتخشع بالقرآن في فخ المبدأ الحداثي للثورة الفرنسية: حرية، إخاء، مساواة، ولما تناول المساواة بين الرجل والمرأة  شقت عليه بعض الأحكام كالإمامة العظمى للمرأة، فأعاد تأويل النص : لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة، بنفس التأويل الحداثي التاريخي للدين بتخصيص العام بخصوص السبب، وقال الشيخ: ذلك كان خاصا بابنة كسرى، وقد أرهقنا الدعاة  بطريقته التلفيقية والانتقائية أن الإسلام دين المساواة، وأتعبوا المطابع بلزوم ما لا يلزم، واستنزفوا في ذلك حبرا كثيرا، في موضوع ليس لنا فيه ناقة ولا جمل، بل هو نتاج تاريخ أوروبي مظلم، وكان يكفي الداعية أن يعلن كليات الشريعة، وأن الندية بين الإسلام والحداثة حاصلة في الكليات، ولا داعي لتفسير جزئيات الشريعة تحت كليات الحداثة، فلِم السقوط في فخ المساواة  ومحاولة تبريرها في جزئيات الشريعة.  

3-أحكام الرجل والمرأة ترجع للمصالح الشرعية وليس المساواة:

أ-الحداثة تُستمد من مبادئ القانون الطبيعي:

يستحيل أن تُسكَّن أحكام الشريعة تحت مبادئ الطبيعة في كليات الحداثة، لأن الأحكام ستتناقض عندئذ، لأن الشارع مُتحكِّم، يحكم كما يشاء،  والطبيعة صمَّاء بكماء ليس لها خطاب، فإنْ ساوى الشرع بين الرجل والمرأة حينا، إلا أنه فرق أحيانا كثيرة، فلا تُعَد المساواة قاعدة تحكم الخالق-سبحانه- ولا في مبدأ في الشريعة، وما أشهد الله الرجل والمرأة خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهما حتى يستشيرهما حكمه، بل هو متفضل بالعدل على عباده، وهو من يعين ما هو العدل، والفضل عند الله  بالتقوى لا بالذكورة ولا بالأنوثة، إذ لا تكليف بما لا يطاق.

ب-الإسلام نِدٌّ حضاري للحداثة في الكليات قبل الجزئيات:

 إن الأحكام الفارقة بين الرجل والمرأة في الشريعة من باب جلب مصلحة شرعية أو تكميلِها، وإما  دَرء مفسدة أو تقليلِها، وهذا ليس مِن قيم الثورة الفرنسية كالمساواة، لأن النظر الشرعي  بين الرجل والمرأة من باب المصالح الشرعية وليس المساواة، وينبغي إظهار الفوارق مع الحداثة على مستوى الكليات، وأن الإسلام ند حضاري للحداثة، ولا يصح مناقشة جزئيات الشريعة بين الرجل والمرأة تحت كلي المساواة في الحداثة، والوسواس القهري التي تعاني منه النَّسْونَة، لأن فوارق الإسلام مع الحداثة في الكليات لا الجزئيات فقط، فلا بد من نِدٍّ قوي هو مقاصد الشريعة الكلية في مواجهة فلسفة المساواة  والمنفعة في الحداثة، وهذا هو الفقه الذي ينفع الناس ويمكث في الأرض، أما زبَدُ المقاربة مع الحداثة فيذهب جُفاء.

التجديد الديني، المساواة بين الرجل والمرأة، النسونة، تاريخانية الإسلام، مقاصد الشريعة، قيم الحداثة، مبادئ القانون الطبيعي، الفكر الإسلامي

عبد ربه وأسير ذنبه

الطريق إلى السنة إجباري

الكسر في الأصول لا ينجبر

أ.د وليد مصطفى شاويش

عَمَّان الرباط

2-محرم-1446

8-7-2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to top