1-بما أن الفكر اللاديني الأوروبي يزعم أنه لا يوجد ثابت، وكل شيء متغير، فهذا يعني أنه لا توجد أخلاق مطلقة، فالصدق حسن بمقدار المكاسب المادية الدنيوية التي يحققها، والكذب حسن بمقدار ما يأتي به من أرباح، ولا داعي على ذلك لتبني مواقف أخلاقية تجاه القضايا الإنسانية إلا بمقدار من تحقق من ربح أو خسارة في عالم السياسة والتجارة.
2-لذا كان التُّجار في الفكر اللاديني الأوروبي أصدق الناس في التجارة، ليس لأن الصدق خلق رفيع وقيمة إيمانية، بل هو خلٌق خاضع لمعيار الربح وسعر السوق، لذا تراهم صادقين في التجارة، وأكذب الناس في السياسة.
3-وليس الحياد الإعلامي إلا فترة ترقُب لحالة السوق، فإذا تبين الربح على جثث الأبرياء فثَمَّ وجه الأرباح، وهذه هي القبلة، وإن لم تتبين القبلة فلنتحدث في الأخلاق والقيم الإنسانية إلى حين تتبين قبلة الأرباح والخسائر، مع العلم أنه ليس من الخسائر ركام جثث المدنيين لأن ذلك لا يدخل ضمن قيود الفكر المحاسبي الدائن والمدين في الفكر اللاديني.
4-ولكن، لماذا يستغرب المسلمون ذلك، وينتظرون أن يغير الغرب قبلتهم لحماية ما تبقى من أشباح جائعة ومحاصرة في الشام وغيرها من ديار المسلمين، أم أن سبب هذا الانتظار هو أن المسلمين لم يفهموا طبيعة الفكر اللاديني الأوروبي أصلا، وهم يحسبون أن أوروبا عندما تتحدث عن القيم الصدق والعدالة، تتحدث عنهما كما لوكانا في الإسلام، الذي يرفض قصة الحياد الإعلامي المعتمة والغامضة حتى تتبين قبلة الأرباح في الفكر اللاديني.
5-إن الإسلام يعتبر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حكما شرعيا ثابتا، ومبنيا على أن العدل نزل من عند الله، والأمر به وإقامته واجب، بصرف النظر عن حالة السوق، فيجب على المسلمين تبني العدل الذي فصله الله في كتابه على لسان نبيه -صلى الله عليه وسلم، وعليه؛ يجب تبني قضية المظلوم ولو كان كافرا، لأن قبلتنا رضا الله تعالى على ما بينه رسوله صلى الله عليه وسلم، ورضا الله لا يخضع لسعر السوق، فهو عدل مطلق غير خاضع للمزاج العام، بخلاف القيم الإنسانية المؤقتة في الفكر اللاديني، الخاضعة لسعر السوق.
الطريق إلى السنة إجباري
وكتبه عبد ربه وأسير ذنبه
walidshawish.com
20-3-2016