لو أُخذت الآية على دلالتها الوضعية دون البلاغية، لدلَّت على أن الحساب مؤجل لمانع هو انشغال الله تعالى -سبحانه- بأمرٍ ما،وهذا تأباه صفات الله تعالى الشرعية من القدرة على كل شيء، ولكن الدلالة البلاغية تعني أنكم أيها الثقلان مقصودون بالمحاسبة، وليس المانع من محاسبتكم الآن عجز الإله لانشغاله بغير الحساب. بل لأنه-سبحانه- هو الذي كتب لكم أجَلا تبقَون فيه تحت قهر قدرته الغالبة، قال تعالى: (لَّوْلَا كِتَابٌ مِّنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) فالكتاب سبق من الله بعلمه وإرادته أنكم لا تُعذبون فيما أخذتم، وكذلك سبَق العلم بأن لا تحاسَبوا في دنياكم، لأنه أجَّلكم إلى حِساب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة كحساب المتفرغ للأمر،لا أَنَّ مانعا شغل الله-سبحانه- عن محاسبتكم، وصدق من قال لا يُفسِّر القرآن من يجهل أصول الدين.