خرافة المساواة والتعددية في الفكر الحداثي
تحدثت عن نوبات صرع الحداثة بين الأقلية والأكثرية والدين والعلم والعقل والنقل، وأنها تحقن المجتمعات الضعيفة بأمراضها ثم تقدم وصفات دوائية أسوأ من تلك الأمراض، ومن بين هذه الأمراض تناقضات المساواة والتعددية من حيث المفهوم.
1-المساواة تنفي التعددية بين المرأة والرجل:
سوَّد الدعاة الجدد صحائف كثيرة في مساواة الإسلام بين الناس ومنها بين المرأة والرجل، وقد بذل الفكر الديني المتجاوز جهدا كبيرا في لزوم ما لا يلزم تحت عنوان المساواة، كحالات تتساوى المرأة مع الرجل، أو تأخذ المرأة أكثر من الرجل، بالإضافة إلى حق العمل وغير ذلك في الفكر الديني الذي يحاول التلفيق والتوفيق مع الحداثة وأن يطبع فكريا معها تحت كلي المساواة.
2-نسخة الرجل الطرطور والمرأة الوحيدة:
وأحيانا كانت نتيجة التطبيع تتجاوز الإجماع للتوفيق بين الإسلام والحداثة في جواز تولية المرأة الإمامة العظمى وتخصيص الحديث : لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة، بأنه خاص بابنة كسرى، والتضييق على حقوق الرجل وانتزاعها منه، والتوسع فيها من جهة المرأة، وإعادة تأويل النص الديني بما يتفق مع ذلك، مما أدى إلى إعدام حقوق الرجل وتحويلها للمرأة، وإصدار نسخة الرجل الطرطور المهدد في أي لحظة بخلعه من ولايته الهشة، وهدم مشروع الأسرة كاملا على رأسه، ثم تشريد المرأة ثانيا، مما يؤكد أن المساواة هي نفي الرجل ثم هدم المرأة.
3-الصواب هو نقد مفهوم المساواة وليس التطبيع معه:
كان على الفكر الديني المتجاوز أن يعيد النظر في المساواة وأنها باطلة من حيث المفهوم، بدلا من إعادة النظر في الشريعة الآمرة بالعدل، وإعادة تكييفها مع الواقع المتجاوز للشريعة، فالشريعة هي العدالة في المعايير التي تحكم المفاهيم الكلية، وأن هذا المفهوم باطل من أصله، بسبب التناقض الداخلي فيه، قبل البحث في معارضته الإجماعات الشرعية.
4-تناقضات المساواة والأغلبية والتعددية:
هذا بالإضافة إلى أن القوانين التي تسير وراء خرافة المساواة تشرع بالأغلبية وليس بالمساواة، فتتناقض تناقضا آخر هو المساواة والأغلبية، وتنفي التعددية التي هي شرط الديمقراطية نفسها، وبعد هذا التناقض لا تبقى مساواة ولا تعددية، مما يعني أننا أمام حفلة تسمم لغوي متخم بتناقضات توجب علينا رد هذا المبدأ وسحبه من التداول بسبب التناقضات الداخلية فيه، وإحلال العدالة في الشريعة ومفاهيمها في الأمر والنهي، بدلا من التعامل مع هذا الغَثِّ البارد، الذي أفسد الدين والدنيا.
الكسر في الأصول لا ينجبر
عبد ربه وأسير ذنبه
أ.د وليد مصطفى شاويش
عمان أرض الرباط
15- ذي القعدة -1446
13-5-2025