قاعدة الفرق بين كلي الدين وكلي القوم في الحداثة
1-الإسلام يجمع أقواما ويحمي آخرين:
في الإسلام دين فيه أقوام مسلمون، أما غير المسلمين فلهم كيان ديني مستقل يكاد يشبه الحكم الذاتي في خصوصيتهم الدينية، وكثير من هذه الحقوق والخصوصية لا تمنحها الدولة الحديثة لهذه الطوائف، ويستحيل تصور بناء المجتمع الإسلامي على حكم أقلية أو أكثرية، ذلك لأن الإسلام يعتمد على الأدلة البرهانية والاجتهادات الفقهية العلمية التي تعتبر صحتها من حيث قوة النظر في الأدلة، وليس من حيثكثر ة الأنصار وقلتهم، ويتعامل مع غير المسلمين على قاعدة الإحسان وحسن المعاملة ومنظومة حقوق بينتها الشريعة وخوطب بها الجميع بصرف النظر عن الأقلية والأكثرية.
2-مشكلة الأقليات مشكلة العصبية القومية وليس الإسلام:
ويصبح هذا التقسيم إلى أقليات وأكثرية أكثر صعوبة في المجتمع الإسلامي عندما يجيز الإسلام زواج المسلم من الكتابية، وتحميل الإسلام المسلمين واجبات وتضحيات أكثر من غير المسلمين، مما يجعل الإسلام أكثر تكليفا ومشقة على المسلمين وأكثر إعفاء لغير المسلمين من الأحكام، وقد تخرج بعض الأحكام عن هذه القاعدة، لذلك لا يمكن تصور تناقضات الحداثة داخل الإسلام فلا تتصور الأقليات ولا الأكثريات في الشريعة، لعدم اعتبارها العدد في معرفة الحق، وعندئذ يجب أن تكون هناك تفاهمات بين الطوائف مع المسلمين لحماية الاستقرار الداخلي من الاستغلال التجاري لحقوق الأقليات حسب التوصيف الأوروبي.
3-جبرية العصبية القومية وقوم فيهم أديان:
أما الحداثة فهي خرجت من سلطان الكنيسة فلم تجد الجماعة إلا بالتعصب للقومية والعرق الأكثر مالا وولدا، والباقيات من الطوائف تعيش تحت سلطان قانون الأكثرية، ويجب على الدولة القومية أن تنحت ثقافة جبرية موحدة تحشد المواطنين حول الدولة، مع أن هذه الثقافة تعارض فكر الأقليات حسب تصنيف الدولة على عصبية القوم، لذلك تلجأ الدولة العصبية للقومية لفرض التعليم العام من أجل إعداد مواطنين حسب الطلب ولو بإكراههم على فكرة تناقض معتقدهم الديني، وقد انتقلت تناقضات الطوائف والقوميات إلى العالم الإسلامي عبر الغزو الأوروبي للمسلمين، وليست هذه التناقضات من الإسلام في شيء، ولكن الحداثة رمَتْني بدائها وانْسَلَّت.
الكسر في الأصول لا ينجبر
عبد ربه وأسير ذنبه
أ.د وليد مصطفى شاويش
عمان أرض الرباط
9- ذي القعدة -1446
7-5-2025