قيمة الأرض في الجهاد
(فتح فلسطين نموذجا)
1-الأرض شرط في ضروري الدين:
لم تكن الأرض في مقاصد الشريعة مقصودة لذاتها، بل هي لازمة لغيرها، فإذا نظرنا إلى ضروري الدين نجد أن الأرض كالشرط للمشروط، فلا يتصور إيمان مؤمن بلا أرض يقيم بها، ولا صلاة بلا أرض يسجد عليها ويحج إلى بيت الله فيها، ولا زكاة من غير زرع، فهذا هو شأن ضروري الدين، فتكون الأرض شرطا في ضرورة الدين، ومن قصد فتح فلسطين من المؤمنين فهو وسيلة لإقامة الدين، ودعوى أن القتال من أجل الوطن هي في سبيل التراب لا تصح، وهكذا نقول في الجهاد من أجل فتح فلسطين، فإنه لا يناقض القصد الأول في سبيل الله، بل يعين عليه، وخادم له.
2-الأرض شرط في ضروري النفس:
وكذلك الأرض شرط لضروي النفس ففيها حياة الإنسان ماؤه وهواؤه وغذاؤه ومأواه، وكل ذلك داخل في ضروري المال، فإن كانت الأرض شرطا في ضرورات الشريعة، فهي شرط في مكملات ضروري الدين والنفس والمال، ولم تستفِد الأرض قيمتها هذه إلى من قيمة ضرورات الشريعة، فضرورات الشريعة هي الأصل وقيمة الأرض تكون تبعا لقيمة ضرورات الشريعة، ولا يجوز تقدُّم التابع على المتبوع.
3-ما الفرق بين جهاد المؤمن وقتال الدنيوية:
وبناء على ما سبق فإن الأرض داخلة في أحكام الشريعة، كالعبادات ومنهاالجهاد، بوصف الأرض شرطا لازما لها، ولا يمكن فصل ضرورات الشريعة عن شروطها، فقصْد حماية الأرض من العدو بالجهاد لا يتناقض مع الدين، بل هو من شروط حماية الدين نفسه، ومن قصد حفظ الدين فلا يصح إلا بشرطه وهو الأرض، فبينهما تلازم يدل أحدهما على الآخر كالشرط مع المشروط، وإنما المطلوب شرعا تقديم مقصد التعبد بالدين في قلب العبد على الأرض التي هي في مقام الشرط والوسيلة، فالدين مخدوم والأرض خادمة، وهذا هو الفارق الجوهري بين جهاد المؤمنين وقتال غيرهم.
الحرب على غزة، فقه الجهاد، المسجد الأقصى، الوطن في الإسلام، الإسلام والوطنية، الحرب على غزة، مقاصد الشريعة،
المحجة البيضاء
الكسر في الأصول لا ينجبر
عبد ربه وأسير ذنبه
أ.د وليد مصطفى شاويش
عمان أرض الرباط
18-ربيع الثاني -1446
20-10-2024