كيف يصبح الرجل حارسا شخصيا لزوجته
1-روعة الخلق:
أقسم الله تعالى بخلق الذكر والأنثى، فقال : (وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَىٰ) فمنح الرجل صلابة القوة والحركة ومنح المرأة العطف والسكون، وجعلها سكنا للرجل، إذ الشدة والقوة في الرجل يمكن تتشظى وتتناثر إن لم تجد ما تستريح إليه من السكون،وكذلك الطمأنية والعاطفة عند المرأة ستُبْتذل وتتلاشى إن لم تجد حارسا يقدِّرها ويحميها، وكل ميسر لما خلق له، فأمرت الشريعة الرجل بالعشرة بالمعروف والزوجة بطاعة الزوج في المعروف.
2-قطيعة المساواة بدلا من فضيلة التعاون:
ولكن الرأسمالية استطاعت أن تزهد المرأة في الصبر على تربية الأبناء ورعاية الزوجية، وتحويلها إلى قيمة اقتصادية رأسمالية تسعى نحو الربح، فهي عاملة ناجحة تعتقد أن سر نجاحها في زيادة الإنتاج لرب العمل، الذي يمكن أن يطردها من غير كرامة في أي لحظة، ومع ذلك تبقى قيمة النجاح الاقتصادي هي المعيار في الحفاظ على العمل، وليس على الأمومة ورعاية الأسرة، وهذه هي نفسها قيمة الرجل، فصارت الأرباح هي معيار قيمة الرجل والمرأة على السواء في إنكار الطبيعة المتكاملة بينهما إلى الخصومة والقطيعة بين المتساويين بدلا من التكامل بالمعروف.
3-انفجار نسبة الطلاق سببها ثقافي:
وهذا يفسر أن انفجار نسبة الطلاق سببه ثقافة بديلة وليس في عدد الطلقات ولا شروط وقوعه، بل لو أعطيت ألف طلقة فهذا لا يمحو الثقافة البائسة التي تهدم في الأسرة، وإن محاربة الطلاق بالتشريعات هي إطلاق النار في الهواء، ولا علاقة له بالمشكلة، بل هو هروب من الحقيقة، واختراع مشكلة وهمية هي التشريعات الجديدة، وتغطية الشمس بالغربال لا تحجب الشمس، وأن المشكلة هي حالة من غربة الشريعة داخل منظومة أسرة تجعل قيمة العمل أكثر من قيمة الأبوة والأمومة، والتخلي عن المنظومة الشرعية المالية والاجتماعية في الأسرة تحت تأثير نموذج عالمي في المساواة.
4-ثقافة الفكر أم تآلف الجِبِلاَّت:
وعلى هذا فإن تلك العواطف والطبائع في الرجل والمرأة تتجاوز قصة افتراض قيام الزوجية على التفاهم والتلاقي في الأفكار ، لأن الطبائع أقوى تأثيرا من الأفكار، وتقديم الفكرة على الطبيعة هو شأن مفتعل بثقافة مزيفة تخفي الجِبِلَّة، بزعم التساوي بين المخلتفَين وهما الرجل والمرأة، وهذه التسوية فلسفية أنتجت ثقافة نَسوَنة ليست موجودة في الحقيقة، بل هي وهم أشبه بخرافة الغول الذي يخيف الناس وهو غير موجود أصلا، ولكن الناس يخافون من العتَمَة خوفا من الغُول.
5-تأثير خرافة المساواة على الزوجية:
ولكن هذه الخرافة قد تصنع الصراع بين المؤتلِفَيْن، وتدمرهما قاعا صفصفا، وعليه يمكن تفسير ازدياد نسبة الطلاق بأنها حالة ثقافية أنانية مدسوسة، وليست حاجة طبيعية لا للزوج ولا للزوجة، ونرى أن الطلاق يتفشى بين أوساط التعليم العالي، والوظائف المرموقة، ويقل بين غيرهم، ولو كان حاجة لما اختلفت النسبة، فدل أن الطلاق هو حالة ثقافية أنانية وليس حاجة فعلية، ويكون عندئذ خرج من نموذج الشريعة في الحاجة للطلاق لتعذر إقامة حدود الله، إلى حالة عصبية لإثبات الأنانية الفردية في الحياة الخاصة على طريقة دروس التنمية البشرية، وتضييع الجماعة، وتحويل الأسرة إلى وحدة اقتصادية فندقية.
6-مامعنى تبديل الطبائع:
إذا وقفت المرأة نِدًّا للرجل، أو الرجل ندا للمرأة، فهذا يعني أنهما خرجا من الوظائف البشرية التي خُلِقا عليها وأقسم الله بخلقها (وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَىٰ) ذلك أن صلابة القوة في الرجل سوف تتشظى وتفقد وجودها، لعدم وجود ما تأوي إليه من السكينة التي تمنع الكسر، وأما سكون المرأة وعواطفها فإنها تفقد العمود الحامي وتصبح العاطفة مستباحة وهي تبحث عن الحماية في سوق الاستغلال والعبيد، وماذا جنى الرجل والمرأة من تمويهات خرافة المساواة إلا كما يُلهي الحاوي المشاهدين السُّذَّج وهو يخرج من جِرابه أرانب بيضاء من القبعات السوداء، وتاه المشاهد بينهما.
7-لماذا ترابِط في الميدان ووراءك السَّراب:
لم يعد الرجل يلاقي الموت دفاعا عن أسرته بجراحه ودرعُه على صدره، وسيفه في يده وهو يخفي في قلبه أن دمه هو فداءٌ لامرأة مرابطة بعواطفها النبيلة مع أطفاله، لأجل ذلك رابط البطل في جَفْن الموت، ولولا رباطه في جفن الموت لم تكن المرأة لترابط مع المرابطين الصغار، فإن لم تكن المرأة مرابطة وراءه لن يجد الرجل معنى للموت وسيفه في يده، ويده الأخرى تطبق على الحصى مضرجة بدمائه، من أجل أسرته، بل الأجدى له أن يعيش هائما وراء الهوى، متسكعا في ثقافة المساواة التي تعفيه من رجولته في المهر والنفقة، وتحوله إلى نصف رجل ونصف امرأة يعرج بينهما، فلا هو رجل ولا هي امرأة.
8-الفرار المبِّكر في زمان نصف امرأة ونصف رجل:
في هذا الزمن على المرأة أن تقوم بدور الرجل ووظيفة القوة لحماية نفسها، وتفقِد عندئذ وجودها الطبيعي العاطفي، وتتقافر كالجنادب في الطرقات، وتتدحرج على عتبات الحافلات، لتحصل على ما تقوي به وجودها، لأنها فقدت الحماية الطبيعية من الحارس الشخصي، الذي تحول إلى مشرَّد فاقد الطمأنينة والعاطفة، في عالم يلُفُّه القلق والحزن، وما كان لهذا الهروب المبكِّر أن يكون إلا في أهوال يوم القيامة ﴿ يُبَصَّرُونَهُمْ ۚ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (13) ﴾، ولكنها اللعنة حَلَّت على حزب جُحر الضب الذين قلَّدوا المثقفين الهمل الذين أفسدوا الأسرة وهم ليسوا سوى كتائب تجسس ثقافي للغزو الخارجي، هم العدو فاحذرهم.
الروح المسافرة
عبد ربه وأسير ذنبه
أ.د وليد مصطفى شاويش
عمان أرض الرباط
30-رجب -1446
30-1-2025