1-لماذا قل عدد المجتهدين في الصحابة:
لم يزد عدد المجتهدين في الصحابة على بضع وعشرين مجتهدا، صار إليهم أمر النظر والفتوى في الشريعة، وكان كل منهم إذا سئل في الدين ودَّ لو أن أخاه قد كفاه، فإن الاجتهاد صعب سُلَّمه، لأنه نظر في مجموع أدلة الشريعة وقواعدها وأقيستها ومقاصدها وغاياتها، وكان أحدهم إذا سئل وضع رأسه بين كفيه فقال له أحد العامة إنها سهلة يا إمام، فجيب الإمام: أما سمعت قول الله تعالى: إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا، وهم يعلمون أنهم أهل اللغة ولكن ذلك ليس كافيا لتأهُّلهم للاجتهاد، لأن المراد هو الكشف عن مراد الله تعالى هو المعنى الشرعي، وليس المعنى اللغوي.
2-لماذا كثر عدد المجتهدين وظهَر التنحيت:
أما بين يدي الساعة فقد استسهل العامة سلم الاجتهاد اغترارا بالمكتبة الإلكترونية والملفات الـمُبَدْأَفة، وزلَّت أقدامهم بين يدى الأصم الأعمى جوجل، الذي لا يفقه المعنى، وظنوا في أنفسهم رتبة الاجتهاد لكثرة المصادر بين أيديهم، وأنهم قادرون عليها مع عُجمة ألسنتهم، فتشابهت عليهم الأدلة وعمِيت عليهم الأنباء، وأفسدوا العامة، فلم يعُدْ يثبت كفر ولا إيمان، ولا حلال ولا حرام، ولا حاضر ولا تاريخ، ولا صحيح من حديث أو ضعيف، ويُخشى أن تكون عاقبة ذلك اللاأدرية، وعدم الثقة بالمعرفة الدينية كلها هي المرحلة التالية بسبب التناقضات الدينية التي اصطنعها النحاتون داخل الإسلام.
3-تصفير عداد العلوم الإسلامية:
منذ مطلع القرن الماضي ظهرت الأصوات التي استبعدت المصادر الأصلية للمعرفة الدينية واللغوية والتاريخية ونقدت نقدا لاذعا واتهمت بالجمود وعدم القدرة على مواصلة السير مع الحداثة الجاثمة على العالم، وأنه لا بد من التجديد الديني، ببناء تدين جديد بلا مذاهب التي رمُيت بالتعصب حينها على يد المجدد بلا جديد الذي يقوم بقفزة بلهوانية عبر القرون ملغيا كل ما في تلك القرون من علوم شرعية، ليؤسس لمعرفة دينية على فهم المصادر الأصلية مباشرة كالكتاب والسنة، وصفَّرت عداد العلوم الإسلامية، وأعادت إنتاج الطوائف الأولى داخل البيت السني، التي أدت إلى الصدام الذي ينتهي للمحصلة صفر.
الكسر في الأصول لا ينجبر
الطريق إلى السنة إجباري
عبد ربه وأسير ذنبه
أ.د وليد مصطفى شاويش
عَمان الرباط
10 -محرم-1444
8-8-2022