مركزية السلطة في متحورات أهل السُّنة الإمامِية
1-أهل السنة : الشريعة والمجتمع أصل والسلطة فرع:
قام أئمة السنة والجماعة بإنكار المنكر على الخلفاء والأمراء، ولو أدى ذلك إلى سجنهم وتعذيبهم وقتلهم، وحسبك بالأئمة الأربعة في بيان وجوب إنكار المنكر وأن مهمة العالِم هي بيان الشريعة، فكانت الشريعة والمجتمع هما المركز، وتجد الفقه يصول ويجول في كل الأبواب والمسائل الدقيقة دون أن تتحكم السلطة في ذلك البيان، لأن أولئك الأئمة لم يدخلوا في مرحلة نزاع على الإمامة التي صارت ملكا عضوضا، وإذا تأملت أبواب الفقه في أكثرها فيمكن إقامتها والعمل بها على مستوى الفرض العين والكفائي ولا يشترط فيها الدولة.
2-مركزية السلطة عند الطوائف:
بينما كفر الخوارج الإمام بالذنوب وخرجوا بالسلاح والدم، والشيعة الإمامية جعلوا الإمامة من أصول الدين، بينما المعتزلة قالوا إذا سقطت عدالة الإمام سقطت طاعته، فتراجعت هذه الطوائف بسبب تقزمها على صراع السلطة، وبعد أن تمكن أهل السنة من تحييد الصراع على السلطة تقدم البيان العلمي السني في المجتمع، وتقدم الملك العضوض لحفظ قطعي حفظ الدماء والأموال، ولفتح القسطنطينية والنصر في حطين وعين جالوت وإقامة حضارة الأندلس، وتخلفت الطوائف التي قامت على مركزية الإمامة والسلطة.
3-انقلاب الشريعة بين يدي الساعة:
وبعد القطيعة مع علوم أهل السنة ومذاهبهم نتيجة التأثر بحقنة النهضة الأوروبية دار الزمان دورته، وأعلن رواد التجديد الديني أن المذاهب السنية المتبوعة هي سبب فرقة الأمة وتخلفها مع دعاية الجمود الفقهي، واستغلال وقائع الشاذة لنشر الإشاعات حولها، وضرورة العودة إلى المنابع الصافية بإعادة النظر في النص الديني وتجاوز هذه المذاهب في زمن: غاب فيه استحسان أبي حنيفة، وسلَف مالك، وبيان الشافعي، وأثر أحمد، ولا تجد من يشرح الرهن، والشركات، ولا أصول التقاضي والدعاوى، إلا خطابا مكررا حول السلطة معها أو ضدها.
4-غياب الشريعة وظهور متحورات الطوائف (حقا ولدت الأمة ربتها):
بعد هدم الخلافة بانتزاع شرعيتها الدينية لأنها ملك عضوض ومستبد، بحسب المفكرين الإسلاميين الجدد، وهجران العمل بالمذاهب المتبوعة، استفحلت ظاهرة مركزية السلطة في التكفير بالحاكمية والولاء والبراء، أو التكسب بالسلطة والخنوع لها، ودعوى جواز قتل ثلث الشعب من أجل صلاح الثلثين، والتخلي عن فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ناهيك عما تبِع ذلك من ظاهرة متحورات الجهاد من قتال الكافرين إلى حرب أهلية بين الفرقة الناجية والطائفة المنصورة، وصراع السنة الخوارج مع السنة المرجئة داخل البيت السني، وأما المحجة البيضاء في المذاهب الأربعة التي عليها عمل الأمة، فصارت تسير بين أهلها غريبة الوجه واليد واللسان، بالرغم من أننا في مرحلة أحوج ما تكون فيه الأمة إلى الجماعة لمواجهة الكيد الباطني والغزو الخارجي، حقا ولدت الأمة ربتها.
نظام الحكم في الإسلام، أصو ل الاجتهاد، معالم أهل السنة والجماعة، التجديد الديني، عديم المذهب، الإسلام والسلطة، الخلافة في الإسلام.
عبد ربه وأسير ذنبه
المحجة البيضاء
الكسر في الأصول لا ينجبر
أ.د وليد مصطفى شاويش
عَمَّان/ الرباط
1-صفر-1446
5-8-2024