مستويات أدلة الشريعة

مستويات أدلة الشريعة

1-ما يفهمه العامي:

بما أن الكتاب العزيز خطاب لكل الناس، فمن باب أولى أن يكون لجميع المسلمين عامتهم وعلماؤهم، فيفهم العامي من قوله تعالى: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ۚ) إثبات الإله الواحد في الجملة ونفي الإلهين ، لأن فيهما فساد العالم، وأن صلاح العالم يكون بإله واحد، فإذا حصلت شبهة في المعنى الجُملي تكفل الدليل العلمي للعلماء بكشف الشبهة، على ما يلي في بيان الدليل العلمي.

2-ما يفهمه العالم من الدليل العلمي:

 ثم يأتي العالم ليكشف عمق الدليل ويقول هذا دليل العكس، فإذا فسد العالم بوجود أكثر من إله، فإن قياس العكس يقتضي أن بقاء العالم دليل على وحدانية الله، وسيشكل على العالِم الفرق بين مفهوم المخالفة وقياس العكس، فيقرر أن قياس العكس عقلي أصالة يعبر عنه بالألفاظ الواردة في الآية، أما مفهوم المخالفة فهو لغوي مبني على الدلالة اللغوية أصالة، ومن ثَم سيقول إن الآية دليل عقلي على إثبات وحدانية الإله.

3-أين المشكلة:

المشكلة اليوم شيوع فكرة أن الأدلة العقلية البرهانية القرآنية هي أدلة أرسطو، وأن علماء المسلمين في الأدلة العقلية متأثرين بالفكر اليوناني، فإذا تكلم العالم بقطعيات القرآن البرهانية في محاججة الجاحدين عرف العالِم كيف آتى الله إبراهيم حجته على قومه وعلى النمرود، ولكن العامي اليوم حقن بمضادات الأدلة العقلية الشرعية، وصارت لديه مناعة ضد الفهم البرهاني بسبب خرافة أن القطعيات العقلية القرآنية هي فلسفة يونانية.

4-فلسفة القدر المشترك لا تستمر مع القطعيات العقلية القرآنية في نفي الشريك:

 أ-ولكن لا ينسى هذا العامي أن القدر المشترك بين الله تعالى ومخلوقاته هو فلسفة وحدة وجود تتعارض مع قطعيات القرآن العقلية التي تفيد ببطلان الجمع النقيضين في فلسفة وحدة الوجود في القدر المشترك بين الخالق الأزلي الغني وبين المخلوق الحادث المفتقر، فلم يكن اعتقاد أن المخلوقات شريكة لله في حقيقة  وجوده وحياته وعلمه، وأن الله لا يختلف عن المخلوقات في الحقيقة، بل يختلف في الكيف.

 ب-فلا يمكن لفلسفة وحدة الوجود بالشركاء لله-سبحانه- في القدر المشترك، أن تَمُرَّ من بين القطعيات العقلية القرآنية التي تنفي الشريك مطلقا عن الله سواء الشريك في حقيقة وكيف، لذلك كان لا بد لتمرير هذه الفلسفة الباطلة أن توجه ضربة إعلامية لتشويه الأدلة العقلية الشرعية في القرآن، وأن يُصرف الناس عنها بإشاعة أن الأدلة الشرعية العقلية هي  فلسفة يونانية، ثم تمرير فلسفة وحدة الوجود في الشركاء لله تعالى في القدر المشترك بزعمهم، مع زخرف من القول في زعمهم: نثبت لله ما أثبت لنفسه! وهل أثبت الله لنفسه أن العالَمَ شركاء في الحقيقة؟! فأنى تُصرفون.

الكسر في الأصول لا ينجبر

عبد ربه وأسير ذنبه

أ.د وليد مصطفى شاويش

عمان أرض الرباط

22- شعبان -1446

21-2-2025

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to top