مصرف في سبيل الله وابن السبيل ومن لا تجوز لهم الزكاة

الصوتية: 50: مصرف في سبيل الله، ومصرف ابن السبيل.
أولا: مصرف في سبيل الله:
1-معنى مصرف في سبيل الله: له معنى عام وهو كل ما يقصد بها وجه الله تعالى من مدرسة ومسجد، ولكن لما ورد هذا المصرف بين الأصناف الأخرى وهي بالمعنى العام، حمل مصرف في سبيل على المعنى الخاص في سبيل الله، وهو الجهاد في سبيل الله، وهو على عدة أنواع، الغازي في سبيل الله، ومصالح الجهاد العامة كالسلاح.
2- فروع مصرف في سبيل الله:
أ- الغازي في سبيل الله: وقالوا إذا كان في ديوان الجند ويأخذ رزقه من مال الدولة، فلا يجوز أن يأخذ من مصرف في سبيل الله، وأجاز الشافعية أن يأخذ في حالة ضعف بيت مال المسلمين لأنه منقطع لمصالح المسلمين، فيعطى الفرس والسلاح الذي يعينه على القتال في سبيل الله، وأجاز الشافعية أن يُشترى السلاح ويوقف على الجهاد، بحيث يستعمله كل مجاهد.
ب-غير الغازي:  وأجاز المالكية أن تستخدم أموال الزكاة في غير المجاهد نفسه كبناء القلاع والحصون، وبعض الفقهاء عارض ذلك لأن الزكاة تمليك والوقف ليس تمليكا، ولنا أن نتوسع فيما هو من مصالح المسلمين، ولمؤسسة الحكم أن تراعي ذلك في مصالح الجهاد.
ج- الحج:
أما الحج وإن وردت نصوص تعتبره في سبيل الله فحمل على المعنى العام في سبيل الله، وأجازوا إعطاء الزكاة للحاج المنقطع بوصفه من أبناء السبيل، أما الحج مطلقا فلا.
3-الغازي الغني القادر على الكسب:
ماذا لوكان الغازي غنيا؟ أجاز جمهور الفقهاء أن يأخذ المجاهد الغني من مال الزكاة خلافا للسادة الحنفية، و يجوز للمجاهد الغني أن يأخذ من الزكاة على مذهب الجمهور، وذلك بناء على أن ما يأخذه المجاهد الغني هو على سبيل الأجرة، وعند الحنفية الزكاة على سبيل المواساة لذلك، لا يأخذ العامل والمجاهد من الزكاة إذا كانا غنيين. ويجوز للغازي أن يأخذ ولو كانت له قوة على الكسب لأنه ترك مصلحته وأخذ الزكاة بوصفه منقطعا لمصالح المسلمين، مثله في ذلك  الغارمون للمصالح العامة، ودفع غائلة تفتت المجتمع بسبب الخلاف والصراع.
ثانيا: ابن السبيل:
1-تعريفه: السبيل الطريق وابن السبيل هو من لزم الطريق، ولا يستطيع الوصول لماله، وهو نادر اليوم بسبب التواصل بالوسائل المعاصرة، فأجاز له العلماء أن يأخذ من مال الزكاة ولو كان غنيا في بلده بسبب انقطاعه.
2-شروطه:
1-              مسلما.
2-              ليس من أهل البيت، لأن لهم الفيء.
3-      أن لا يكون لابن السبيل دَين حال ويستطيع أن يأخذ دينه، أما إذا كان دينه مؤجلا، أو كان دينه حالا، لكنه مجحود ولا يستيطع استيفاءه فله أن يأخذ من الزكاة.
4-              اشترط المالكية أن يكون عاجزا عن الاقتراض، فإن عجز يُـعطَ، واستحب بعض العلماء له أن يقترض.
5-أن يسافر ولا يقيم في المكان، فإن أعطيناه من الزكاة ثم أقام انتزعت الزكاة من يده وجوبا، فإن سافر بها ووصل لماله وبقي شيء منها في يده فلا تحل له، بل يجب أن ينفقها في مصارف الزكاة، ولا يجوز الاحتفاظ بها لنفسه، لأنه أعطي لسبب وزال السبب
6-أن لا يكون عاصيا بسفره، كأن يكون سبب سفره معصية، كشهادة الزور، فإنه لا يعطى لأنه إعانة له على المعصية، بخلاف لو سافر لعلم أو بر والدين، أما السفر للنزهة فإن اجتهاد الحنفية تعددت نظرته في ذلك، وتقدير الأمور متروك للمزكي ومن يفرق الزكاة، فيقدم المدين والفقير وطالب العلم والشيخ الهرم على المسافر للنزهة، ووسائل التواصل المعاصرة كالهواتف والحوالات المصرفية قلَّصت هذه الحالة
إذن العاصي بالسفر لا يعطى، ونفرق بينه وبين العاصي في السفر، فالأول لا يستفيد من الرخص كالفطر في السفر وقصر الصلاة، فهو عاص في سبب السفر كالسفر لارتكاب الجنايات، ولا تجوز الإعانة على المعصية كأن يعطى العاصي من مال الزكاة فيعان بمال الزكاة على المعصية، فلا يجوز أن تعطيه ولا تجزيء أيضا عن المزكي، ولكن إذا كان عاصيا و سدد دينه بالزكاة، أو تاب فإنه يعطى وتجزيء.
الحالة الإنسانية لا تمييز فيها بين الناس، فعند أبي حنيفة في قوله تعالى: وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس، فتراعى النفس الإنسانية، فأهل الذمة والكفار يعطون من بيت المال، ولا يعطون من الزكاة، وبالنسبة للمسلم هناك شروط أخرى، والطالب ولو كان من غير أبناء الولد فيعطى بوصف الفقر، فإن كان هناك ما يحول دونه ودون ماله في بلده يصبح ابن سبيل، وكثيرون ممن يأتون لدراسة الشريعة من البلدان الإسلامية هم ضعفاء، وهذا من مصالح المسلمين، وهم يعودون دعاة لبلدهم، فنحن نحافظ عليهم، سواء في الحاجات الجسدية، أو تعليمهم علوم الشريعة وهي أفضل العلوم، لأن علم الدين يقيم بناء المجتمع، فالطبيب يحمي الجسد، والمهندس يبني العمارة، والعلم الشرعي يبني المجتمع، ويحفظ حاجته ومصلحته، والشريعة جاءت لحماية المجتمع، والجار والمظلوم، والدِّين هو السياج والحماية للأمة من التشرذم، فالعقيدة هي العمود الذي يقيم خيمة الإسلام، فالإسلام هو عماد المجتمع وليست المصالح الشخصية، والإسلام هو كهف المسلمين والحصن الذي نأوي إليه، ولا بد من مساعدة إخواننا من الطلاب الذين جاءوا من أماكن بعيدة.
لا بد من الانتباه للحاجات الأساسية المستجدة، والاتصالات والمواصلات التي يحتاجها الإنسان، ومن كانت عنده بعثة وعنده علاج، فالمعيار لأخذ مال الزكاة هو الحاجات الأساسية.
ثالثا: تحقيق مناط الفقير:
ولا بد من معرفة تحقيق المناط في ابن السبيل والفقير، ومعيار ابن السبيل والفقير مختلف عما كان في السابق، فلا يوجد في آية أو سنة تحديد ما هو الفقير، ولكن علينا مراعاة عرفنا في هذا، ومن رحمة الله بنا أن ترك الأمر واسعا لتحديد ابن السبيل والفقير حسب ظروف الزمان والمكان.
وتحقيق المناط ليس شاقا لأن العامي يستطيع أن يحدد من هو الفقير، وتحقيق المناط:هو تصور انطباق كليات الفقه على جزئياته الحادثة، فابن السبيل كُلِّي، يعني هل ينطبق وصف الفقر على حسن أو خالد حسب الآية الآية أم لا، وهذا هو تحقيق المناط،  وعرفه الشاطبي بقوله: هو أن يثبت الحكم بمدركه وهو الدليل، ولكن يبقى النظر في تعيين محله، وهو حسن أو خالد، وهذا يرد على شبهة من يزعم بأن الشريعة أحكام مطلقة والواقع متغير فلا يستطيع الثابت أن يساير المتغير، وهو جهل بتحقيق المناط، ومن مظاهر مرونة الشريعة أنها لم تحدد من هو ابن السبيل ولا الفقير، ولكن ترك للناس أن يعالجوا الأمر كل بلد بحسبه.
رابعا: التمييز بين دور الدولة والفرد:
الكافر والمرتد لا يعطون من الزكاة، وكذلك من يسب الله ورسوله، فلا يعطى لشبهة ردته، أو من يطعن في الصحابة وهم المثل الأعلى للأمة، وكذلك لا يعطى أصحاب المعاصي، ولا بد من زجرهم إلا إذا تابوا، كتارك الصلاة، ولكن لا ينبغي حرمان الأولاد والزوجة بمعصية الزوج وعلينا أن نكون حكماء في إيصال الزكاة لهم بعيدا عن معصية أبيهم.
خامسا: الزكاة من الفروع للأصول والعكس:
منع الشافعية إعطاء الزكاة بين الفروع والأصول، وأجاز مالك إعطاء ابن الابن، والجد، وقصر المالكية النفقة الواجبة في عمودي النسب القصيرين الأب والابن فقط، وجازت الصدقة على من فوق الأب والأم ومن دون الابن، فيجوز إعطاء الزكاة لابن الابن، وهي مساحة اختيار جيدة للمزكي، والمذهب المالكي واسع في هذا، فقد أجازوا أن تعطي ابنك من الزكاة إذا استقل بالنفقة ثم افتقر، وكذلك تجب نفقة البنت على أبيها حتى يدخل بها الزوج، فإن دخل بها وكانت فقيرة بفقر زوجها فإنها تعطى، ولا يعطى للابن في الجامعة لأنه لم يستقل بالنفقة عن أبيه.
سادسا: إعطاء المرأة زوجها الفقير:
أجاز ذلك الشافعية وهي رواية عن أحمد وهو مذهب صاحبي أبي حنيفة، وعن مالك قولان قول بالكراهة وآخر والمنع، والأفضل الإحسان بين الزوجين، ويحرم على الزوج أن يعطي زكاته لزوجته لفقرها بالإجماع بينما يجوز أن يعطيها بوصفها من الغارمين، فيجوز أن يعطيها الزوج بصفة الغارمين، ويجوز للابن أن يعطي أباه الغارم، لا بوصف الفقر، ولو أعطت الزوجة الغنية الزكاة لزوجها بسبب الفقر سيعود المال للزوجة على شكل نفقة فيكون المزكي استفاد من زكاته ورجعت إليه.
والحمد لله رب العالمين

 

1 thought on “مصرف في سبيل الله وابن السبيل ومن لا تجوز لهم الزكاة

  1. سبتمبر 12, 2018 - عبداللہ گل زمین

    بارک اللہ فی علمکم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to top