نوبات صَرَع الطوائف ومُهدئات الوطنية

  نوبات صَرَع الطوائف ومُهدئات الوطنية

1-الطائفية والقومية الفلسفية أزمة أوروبية لا إسلامية:

عاشت أوروبا حروبا طائفية دينية متوحشة بين الطوائف المسيحية التي تقتل لمجرد مخالفة المذهب الديني، ولما بدأ المجتمع الأوروبي ينفصل تدريجيا عن التدين بسبب الكشوف العلمية التي تُبطل مزاعم الكنيسة حلَّت القومية الفلسفية في مرجعية وطنية جديدة تتجاوز  الحروب المذهبية الدينية، ضمن مرجعية وطنية جديدة، ولكن كانت الحروب القومية الأروبية أكثر شراسة ودموية في الحربين العالميتين الأولى والثانية، ناهيك عن الحروب الدموية التي أشعلتها أوروبا العجوز في العالم، فما زالت ثنائية القومية الفلسفية هي الإطار المرجعي لتجاوز  الطائفية الدينية مع فشل واضح في الإطار القومي ضمن المرجعية الوطنية للطوائف الذي كان سببا في الحرو ب العالمية والكارثية على العالم.

2-التطبيع الفكري مع الحداثة نشر أمراضها بين المسلمين :

إن الأمة الإسلامية على مر تاريخها الطويل لم تكن فيها حروب طائفية دينية ولا انقسامات قومية فلسفية بين الأتراك والأكراد والعرب والأمازيغ، وإن ظهرت الشعوبية ظهرت ممقوتة من كل الأقوام، لا أنها فلسفة مستحسنة كما تروج الحداثة، أما بعد هيمنة كلي الحداثة وتشكيله إطارا مرجعيا عالميا في السياسة والقانون والفكر  فقد انتلقت مشكلات أوروبا وحلولها التي هي أسوأ من مشكلاتها إلى العالم الإسلامي، وحُقنَت المجتمعات  بحرب الردة بين الفرقة الناجية والطائفة المنصورة،وهذا في البيت السني نفسه، الذي يمثل الأمة الجامعة والحارسة، فكيف يكون الأمر في الصراع القومي والطائفي، بالتأكيد سيكون تشظي أهل السنة هو تشظي المجتمع كله، وهذا التشظي قام على إعادة النظر في النص وتجاوز المذاهب المتبوعة حسب نشرة أخبار  التجديد الديني في عرس البغل.

3-المشكلة معرفية لا سياسية:

 فهذا يعني أن مشكلة المسلمين بالدرجة الأولى معرفية قبل أن تكون سياسية وإكراهات دولية، وإن إشعال الحروب الطائفية داخل البيت السني وبين السنة أنفسهم وبين الطوائف  كانت نتيجة تطبيع الفكر الديني المعاصر  مع الحداثة، وهو نفسه التطبيع الذي قلَبَ الجهاد في الإسلام من حرب بالمسلمين مع المحارب الكافر، إلى حالة ثورية داخل الإسلام نفسه.

4-الغزو الخارجي يعتمد على انقسام الفكر  الديني في البيت السني:

 وإن السياسي الأوروبي يعتمد على حقنته الفكرية في رؤوس المسلمين وغيرهم على هذه الأرض، وعن طريق أدواته السياسة والعسكرية يتحكم في الوطنية والطائفية على السواء ولولا الحقنة المعرفية لما استطاع الغزو الخارجي أن يصدر  إلينا صَرَع الطوائف ومهدئات الوطنية، فإذا أَعلنتَ الوطنية أخرج لك ورقة الطائفة، وإن أعلنتَ الطائفة أخرج لك ورقة الوطن، في سيرك فكري قانوني يتلاعب به في فراع الفكر الإسلامي المعاصر ، ويحقق مكاسب على الأرض وصدق رب العزة إذ يقول: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) .

الكسر في الأصول لا ينجبر

عبد ربه وأسير ذنبه

أ.د وليد مصطفى شاويش

عمان أرض الرباط

16- رمضان -1446

16-3-2025

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to top