(وإنا له لحافظون) … هي المحجة البيضاء نسمعها في كل جمعة
حفظ الله الكتاب العزيز، لبقاء حجة الله على خلقه، وهي المحجة البيضاء البينة التي لا يزيغ عنها إلا هالك ولا يتنكبها إلا ضال، ولأن انقطاع المحجة االبيضاء يلزم منه سقوط التكليف القطعي بالرسالة،بانقطاع هدي النبوة المحمدية الخاتمة، لعدم وجود رسالة بعدها، لذلك يلزم من -حفظ الكتاب اللوازم الآتية:
1-يلزم حفظ اللغة التي يفهم بها الكتاب: إذ لا فائدة من حفظ الكتاب مع زوال الأداة الصحيحة في فهم الكتاب، لأن حفظ اللغة لازم لحفظ الكتاب، وانقطاع اللغة يفوت المقصود من حفظ الكتاب.
2-حفظ السنة الشارحة للكتاب: إذ لوضاعت السنة، لصار الكتاب مبهما مشكلا، ولم يعد بيانا للناس، وفات التكليف عندئذ، ولم يعد فائدة من حفظ الحروف وضياع السنة المبينة، لانقطاع التكليف بالرسالة.
3-حفظ الإجماع: لو حفظت السنة واللغة، ولكن ضَل العلماء كما ضل أحبار اليهود والنصارى، فإن عامة الناس لا يِصلون لمراد الله تعالى إلا بالأئمة المجتهدين، فعصمة الأمة تحفظ خطاب الأئمة المجتهدين وإجماعاتهم ، لاستمرار الخطاب بتكاليف الشريعة، ولا يضر ذلك المحاربون على ظهور المتشابها من أصحاب خطاب السعادة، لأن التكليف بالفقه لا ينقطع بأتباع المتشابه، لأن من طلب الفقه وجده في المذاهب المتبوعة، والسفسطة الدينية المعاصرة التي تحارب على ظهور الروايات المتشابهة برماح الأقوال المنقطعة، فإنها عاملة ناصبة لا تقطع عمل الأمة المتواتر بالشريعة، لأن الأمة دونت مذاهبها في متون مُحكمة عَصية على التلاعب بها.
4-حفظ العامة: أجمعت الأمة على أن كل مذهب متبوع من المذاهب الأربعة معصوم بعصمة الأمة على الجملة، وأجمعوا على أن الذي قلد واحدا منها متقلب في فضل الله ورحمته، وهو مصيب قطعا، لأن العامي يجب عليه تقليد المجتهد، وجاز تعدد المجتهدين المجمع على إمامتهم في الدين، فتبين أن العامي المقلد لمذهب منها موافق لإجماع الأمة (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ)، ومن علامات السنة الجماعة، ومن علامات البدعة الفرقة، والحق أبلج، والباطل لَجْلج.
المحجة البيضاء، حجية السنة، تتبع الرخص، الأقوال الشاذة في الدين، حجية الإجماع، حفظ السنة، حفظ اللغة والفقه،
الكسر في الأصول لا يَنْجبِر
عبد ربه وأسير ذنبه
أ.د وليد مصطفى شاويش
عَمَّان الرباط
22-ذي القعدة-1445
31-5-2024