هذا دليل ساطع في وجه من يتهم القرآن بأن أدلته نقلية فقط، بل القرآن قسَّم الأدلة الشرعية إلى عقلية ونقليه، وبقية أدلة الشريعة ترجع إلى هذين الأصلين، فقد كانت أدلة إبراهيم عليه السلام على قومه نظرية عقلية في إبطال ألوهية المخلوقات، كما هو معلوم في قوله تعالى: وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75) وأنه كان مناظرا بالعقلي لا بالنقلي، وأيَّده الله بقوله: (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ)، فالعقل هو حجة الله في قلوب عباده، وهي دالة على اليقين كما في قوله تعالى: (وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ)، مما يعني أن رُهاب العقل والدين لا وجود له في الإسلام، ولا بد من التحذير من خطورة الصدام المفتعل بين الأدلة الشرعية، وزراعة كهنوت رجال الدين داخل الإسلام.