الأعور الدجال في ضوء دراسات الجدوى الاقتصادية والتحليل الاستراتيجي

1-لا نزال نسمع مقولة أننا نقصر في ديننا لأننا شغلنا في لقمة العيش، ولولا لقمة العيش لكان تديننا أفضل، ونحن ننتظر أن يتحسن الوضع الاقتصادي حتى نقوم بواجباتنا الشرعية على أكمل وجه، وسبب الوقوع في الحرام هو العامل الاقتصادي المهيمن، وأصبحنا بين مشغول بفقره ومشغول بغناه، ونتذرع بذلك دائما على تخلينا عن واجباتنا الشرعية، وكأننا نقول إن هذه الواجبات هي لوسط ملائكي وليست لنا، مع أن الامتحان الإلهي هو أن نمتثل الواجب، مع الصوارف الكثيرة عنه، وننتهى عن الحرام مع الدوافع الكثيرة إليه، والعامل الاقتصادي هو جزء من الابتلاء الإلهي لخلقه، فمعنى أن ننتظر انتهاء الصوارف وانقضاء الدوافع هو خروج من الامتحان وتسليم الورقة بيضاء.

2-لا يخفى علينا جميعا أن المحرك المحدد هو الاقتصاد، والدورة الاقتصادية، مع عواطف دينية محبة للإسلام، ولكن تقييم نجاح الدولة أو الحزب أو الجماعة في حياتنا العامة هو مدى تحقيق المكاسب الاقتصادية بصرف النظر عن انتماء الشخص أو الحزب أو الجماعة للإسلام، وهو ما يحسبه بعض المراقبين أنه نموذج على الوعي ونبذ الطائفية الدينية، وأن الأفكار ليس لها قيمة إلا من حيث ما تقدمه من منفعة مادية اقتصادية بصرف النظر عن الأفكار والعقائد. مع العلم بأن الإسلام ليس طائفة بل هو هوية الأمة وكيانها العقدي والاجتماعي.

3-بناء على المعطيات السابقة، فإن الأعور الدجال لن يكون شخصا منبوذا بسبب عقائده وأفكاره الضالة في الألوهية، لأن الأعور الدجال يخرج في وقت المجاعة، وقد حلَّت الشدة والضيق بالناس، وبما أن بعض الناس اليوم يصفقون للخاسرين والفاشلين ومن أفسدوا عليهم دينهم ودنياهم بسبب فنون الدعاية التي أغرت الضحايا، فهؤلاء سيـرَون في الأعور الدجال أنه رجل المرحلة، والمنقذ الأخير بصرف النظر عن دعواه لنفسه الألوهية، لأن ذلك بالنسبة للضحايا هو حرية شخصية، ونحن نريد عنبا ولا نريد أن نقاتل الناطور، والدراسات الاستراتيجية التي تعبد المنفعة المادية تدعو إلى اتباع الأعور الدجال، لأنه لم يقدم البرنامج فقط، بل قدم الحقائق على الأرض، لا سيما وأن الأعور الدجال لديه من الدعاية أقوى من دعايات التضليل الإعلامي اليوم، فالدجال يخرج في وقت المجاعة فيأمر الأرض القاحلة فتنبت، والسماء فتمطر، وتتبعه كنوز الأرض كعياسيب النحل، يعني بالمعيار الاقتصادي معه برنامج إصلاح اقتصادي حقيقي، فمن باع صوته ودينه بعرض قليل من المال فستصبح حالة اتباع الدجال الأكبر أولى من اتباع الدجاجلة الصغار.

4-بعض الناس الذين تراهم مفرطين في واجباتهم الشرعية، ويتحدثون عن علامات الساعة  والدجال كما لو كان الدجال بطلا في أحد أفلام الأكشن التي يسهر عليها ليله ويضيع الصلوات بسببها، ويظن أن علامات الساعة ستكون راحة له وتعفيه من واجباته الشرعية الحاضرة التي ضيعها ونسي قول النبي صلى الله عليه وسلم في الدجال: (شَر غائب ينتظر)، وأن من الأفضل عدم الذهاب إليه لأنه أعظم فتنة بين يدي الساعة.

5-ولكن يبدو أن الذين سعَوا في آيات الله معاجزين بتخصيص الشريعة ونسخها بالعقل، وتعبئة الفكر اللاديني في زجاجات كتب عليها حلال تحت شعار تطوير الإسلام، سيتحولون إلى فكرة جديدة وهي تخصيص الشريعة ونسخها بالمعدة بدلا من العقل، وستكون الأمعاء الغليظة هي شعار المرحلة.

وكتبه الفقير إلى عفو ربه

د. وليد مصطفى شاويش

عمان المحروسة في

2-4-2016

1 thought on “الأعور الدجال في ضوء دراسات الجدوى الاقتصادية والتحليل الاستراتيجي

  1. أبريل 4, 2016 - محمد الشاعر البرماوي

    بارك الله فيك دكتور دائما متألق نفع الله الأمة بعلمك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to top