الباطنية الجدد…منكرو عذاب القبر وتعليق العمل بالإيمان بالجنة والنار حتى إشعار آخر

تمهيد:

سبق وبينت منهج الاستدلال عند أهل السنة والجماعة في إثبات عذاب القبر، وأن الإجماع منعقد على ثبوته، وأن إنكار عذاب القبر لا حجة له من كتاب ولا من سنة، ولكن علينا أن نعلم أن الطريقة التي تم فيها إنكار عذاب القبر، يمكن أن يستَثمَر فيها بإنكار أن النعيم والعذاب في الآخرة واقعان على الجسد والروح معا، بسبب التفسير الشاذ للنصوص الشرعية.

أولا:إنكار عذاب القبر مقدمة لما بعده:

-يبدو أن منكري إجماعات العقيدة الإسلامية، ومنها عذاب القبر، لا يعتبرون إنكار عذاب القبر محطة نهائية لهم، ولكنهم يعتبرونه محطة بداية لإنكار ما بعده، من حقيقة أن النعيم في الآخرة واقع على الجسد والروح معا، وكذلك العذاب في النار، فهناك مرحلة تالية لإنكار عذاب القبر، وهي إنكار أن يكون العذاب في النار حسيا، والنعيم في الجنة هو أحلام سعيدة، يفرح بها ضحايا المسلمين ثوابا لهم على صبرهم على آلة الدمار والقتل!

-ويمكن لمنكري عذاب القبر أن يعطوا تفسيرا ماديا لعدم عذاب القبر في وهمهم، واعتبار عذاب القبر إجازة دون راتب، أو صورة من صور البطالة الاقتصادية لأصحاب القبور، وحالة من التوقف  عن الإنتاج بسبب الظروف القاهرة.

ثانيا: عذاب أهل النار أحلام مزعجة!

أما عذاب أهل النار على الطريقة الفَحْشتية، فهو أحلام مزعجة جزاءً على الجرائم في الدينا، فجزاء القتلة والمجرمين هو الآلام بالأحلام، ولكن على أهل النار أن يصبروا على شخير أبي جهل وفرعون وهامان، وعلى ذلك فما الحاجة إلى توبة الكافرين وأصحاب الكبائر من المسلمين، ما دام العقاب هو الأحلام، بل إن ما يجب على المجرمين، هو الوقاية من الشخير، بالتوبة من الوزن الزائد المسبب للشخير، واجتناب كبائر الجيوب الأنفية، واصطحاب الوسائد المناسبة، وهذه هي أركان التوبة حتى لا يتعرض المجرمون لعقوبة إزعاج الشخير بناء على أن الحياة الآخرة كالنوم.

ثالثا: التفسير الباطني يفرِّغ النص من المعنى:

يعني إن إنكار عذاب القبر هو مقدمة  لإنكار ما هو أشد، وهو العذاب على الجسد في الآخرة، وتحويل آيات جهنم من وعيد شديد وأنكال وجحيم للمجرمين، إلى أخبار محْرِجة، وأحلام مزعجة، مما يعني تفريغ النصوص الشرعية من معانيها، وإحلال معانٍ بديلة ساذجة وتافهة، وتحويل النص الشرعي الوارد في النعيم والجحيم إلى جثة هامدة، يتم تشييعها في جنازة مهيبة على أيدي رجال دين مزورين، بضاعتهم اتباع المتشابه، وصناعتهم ردُّ المحكَم، عجزوا عن تحريف ألفاظ القرآن ورسومه، فلجئوا إلى تحريف معانيه وهدم علومه، ولولا حفظ الله لكتابه لفعلوا ما فعلت أحبار بني إسرائيل، ولكَتبوا الكتاب بأيديهم، ثم قالوا هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا من الدنيا الزائلة.

رابعا: تجميد العمل باليوم الآخر حتى إشعار آخر:

إن مذهب المسرفين على أنفسهم من المحرفين للمعنى، والتعدي على الإجماعات العقدية والأصولية والفقهية، يذهبون للمتشابه دائما، ثم يردُّون المحكمات باتباع المتشابهات، وعلى رأس المحكمات  الإجماعات الثابتة، فهي لا تحتمل النسخ ولا التخصيص ولا التقييد، وهي تمثل الجدران الاستنادية لحديقة الإسلام وشريعته، وإن الحفاظ عليها سيحُول دون اقتحام الباطنية الجدد جدار الإسلام، عن طريق اتباع المتشابه وهجر المحكم، مما يؤدي إلى تجميد أركان الإسلام، وتحويلها إلى رموز وألغاز غير قابلة للفهم، ولا بد من إعلان إجماعات العقيدة والأصول والفقه، لحماية النص الشرعي من الباطنية الجدد.

مقالة ذات علاقة:

حوار مع أخي (23) حوار مع منكر عذاب القبر

الطريق إلى السنة إجباري

وكتبه عبد ربه وأسير ذنبه

د. وليد مصطفى شاويش

عمان المحروسة

3-صفر-1439

23-10-2017

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to top