الدرع الأصولي في مواجهة الحداثة والفوضى الدينية التعليل بالأوصاف العامة وأثره في إفساد الشريعة والمجتمع

أولا: البدء من المشكلة:

نعيش ظاهرة تعليل الأحكام الشرعية بأوصاف عامة مثل الإسلام صالح لكل زمان ومكان، المساواة، العدالة، حفظ النفس، حفظ المال، شعائر الإسلام، وأضرب لذلك بجملة أمثلة مع التوضيح :

1-في أزمة الوباء الـحُمَة (كورونا):

احتج من دعا إلى غَلق المسجد بضروري حفظ النفس،  بينما ذهب الخصوم إلى إحياء شعيرة الجمعة اليقينية واحتمالية الوباء، وأن اليقين لا يزول بالشك، وقوله تعالى : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُۥ وَسَعَىٰ فِى خَرَابِهَآ)، حيث تنازعت الأوصاف العامة وأدت إلى تناقض الأحكام واتساع الخصام، وبقي الخصام فاشيا إلى حد الاتهام بالخروج على طاعة الإمام أو التخوين على دين الإسلام.

2-تحريم الربا بسبب الظلم:

حرم الشرع الربا بوصف معين: الزمن لا يستَقِلُّ بالثمن، وأجاز البيع بالتقسيط بثمن أعلى بأصل: للزمن حِصة من الثمن، وهما علتان غاية في الدقة،  بينما أجاز بعض المعاصرين ربا البنوك بالأوصاف العامة مثل: الشرع حرم الظلم، ولا ظلم بين شركات المال كالبنوك، وشركات التجارة والصناعة، وهذا التعليل الفكري الثقافي يمكن لأي مسلم مجتهد أو عامي أن يتكلم به، فيمكن لأحدهم أن يتصورالعدل في مسائل ويرى غيرُه خلاف ذلك، لا سيما في تصرفات الدولة بحكم الولاية العامة، ووجوب طاعة الإمام، بينما ترى المعارضة أن هذا التصرف ظلم للناس، ويصير عدل الإمام ضد عدل المعارضة، ويُفرض التناقض على الشريعة وهي بريئة منه.

3-تفكيك الأسرة بالأوصاف العامة:

إذا جاءت الفرقة من جهة الزوج، وأراد أن يطلق زوجته، يظهر الوصف العام، وهو مقاصد الشريعة في  الحفاظ على الأسرة، فلا يقع طلاقه معلقا ولا مغضبا ولا في العدة، والطلاق التعسفي له بالمرصاد الخ، كل ذلك تحت وصف عام هو الحفاظ على الأسرة، أما إذا جاءت الفُرقة من جهة الزوجة، فيظهر ضروري العدل وإنصاف المرأة، ورفع الظلم عنها، ثم تبدأ زَفَّة الخلْع ليس للزوج فيها حول ولا قوة، وكرامة الزوج خلعُه، وأما القاضي فيقوم بإجراءات شكلية تنتهي بخلع الزوج والأسرة والقاضي والمجتمع، بوصف عام هو مقاصد الشريعة في تحقيق العدل، أما التناقض في التحريم بالاختلاط فحدَّث ولا حرج لأن الاختلاط علة مبهمة لا تنضبط  في معناها. http://bit.ly/1SRoXph

4-تناقض طاعة ولي الأمر مع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

طاعة ولي الأمر وصف عام، والبحث واجب في تفاصيل الأمر حسب الأدلة التفصيلية والعلل الخاصة التي تعيِّن الحكم الشرعي، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وصف عام، لا بد فيه أيضا من تقصي الأمور على الأدلة الجزئية، والأوصاف الخاصة المعيِّنة للحكم، وتعيين قواعد الترجيح في ذلك هو شأن الأصوليين، ومع الأسف ما تكاد تبدأ أي أزمة إلا ونرى اصطفافا مع طاعة ولي الأمر، يقابله اصطفاف المعارضة مع وصف عام، وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وضرورة رفع الظلم، دون البحث الفقهي في الأدلة التفصيلية وقواعد الترجيح ، وتحدُث انشقاقات اجتماعية دينية واسعة، لأن الوصف العام يؤدي إلى الحكم وضده في الوقت نفسه، وهو من تناقضات الحداثة أيضا كما سيأتي.

5-ثورة الشارع وشرعية الصندوق والشعب يريد إسقاط الشعب:

 تعاني الحداثة من تناقضات الشرعية فهي تدعو للصندوق وتجيز ثورة الشارع على الصندوق، لأن كليهما حكم الشعب، ناهيك عن الخلاف في الوطنية والانتماء وإعادة تصنيف المواطنين إلى شرفاء وغير شرفاء، ذلك لأن الحداثة لا تعتقد بوجود الحق المعين، حتى تبحث عنه أو تصيبه، بل الحق فكرة، ويتعدد بتعدد أفكار الناس، ولكن الذي يعين ما هو الحق في الواقع هوالقوة، وقد يكون صندوق الانتخاب، أو ثورة الشارع على صندوق الانتخاب، وكلاهما حكم الشعب  ضد الشعب.

لذلك تُكثر الحداثة من الحديث أن الشيطان يكمن في التفاصيل، وهنا لا ندري من هم المواطنون الشرفاء، مواطنو الشارع أم مواطنو الصندوق، حيث يظهر الشيطان في التفاصيل، بينما في الشريعة الحق يكمن في التفاصيل، وليس الشيطان، لأن العمومات بنفسها غير كافية لتعيين الحكم، بل لا بد فيها من قواعد الترجيح، وأصول النظر في الأدلة والعلل الجزئية، لتعيين الحق المعين عند الله تعالى، وهو مطلوب المجتهدين وقِبْلتُهم في النظر، الذي يعجز عنه الصندوق والشارع والجمهور أو المثقفون الجدُد.

ثانيا: لماذا لا يصح التعليل بالأوصاف العامة:

1-التعليل بالوصف العام يؤدي إلى تناقض الأحكام:

أ-الوصف العام لا يُعيّن حكما:

إذا نظرنا إلى تناقض الفكر الديني المعاصر نجد أن سبب التناقض التعليل بالأوصاف العامة، مثل:العدل، وتحريم الظلم، وحفظ النفس وحفظ المال، والكرامة الإنسانية، وإذا عرضنا أمر حكم السرقة على تلك العلل العامة دون الأدلة التفصيلية، فيتنازع عندئذ أصل حفظ النفس بعدم قطع اليد، مع أصل حفظ المال بوجوب قطع اليد، ويتنازع حفظ المال بمنع البيع وقت النداء يوم الجمعة مع حفظ الدين بوجوب السعي للصلاة وقت النداء، وهكذا  فإن الوصف العام يعطي دلالات تتناقض مع بعضها، والشريعة منزَّهة عن التناقض، لأن الفقه لا يؤخذ من الأدلة العامة بل من الدليل التفصيلي الذي يعين حكما تفصيليا، لذلك عُرِّف الفقه بأنه مستفاد من الأدلة التفصيلية.

ب-مثال آخر على تناقض الوصف العام:

إن الشرائع تتضح في تعيين العلة المناسبة للحكم بعينه، وإذا أخذنا مثالا، نجد أن الله حرم على بني إسرائيل الصيد يوم السبت وكلَّ ذي ظُفُر وشحوم البقر والغنم، إلا ما استُثني، وذلك لابتلائهم في أصل حفظ الدين، وذلك بأدلة تفصيلية معَيِّنة للأحكام، وجعل الله ذلك كلَّه حلالا لنا بأدلة جزئية معيِّنة للأحكام، وهي بالنسبة لنا كانت تحت ضروري العيش وحفظ النفس.

 فليس ثَمةَ تناقض بين أصل حفظ العيش لنا، وحفظ الدين لهم، بل إن ترتيب الجزئيات تحت الكليات هو الذي اختلَف بين شريعتنا وشريعتهم، مع أن الضروريات في حفظ الدين والنفس باقية في كل الشرائع دون تعارض، فجاز لنا ما حُرِّم عليهم، ولو أننا علّلنا بحفظ النفس وحفظ الدين دون الأدلة التفصيلية والجزئية، لحرَّمْنا الحلال وحلَّلنا الحرام، وهذا واقع في الثقافة الدينية المعاصرة، التي تشبه الشريعة وما هي بشريعة، لأنها تعلل بالأوصاف العامة.

2-التعليل بالوصف العام يستوي فيه العامة مع المجتهدين:

أ-نقض رتبة المجتهد والمقلد :

يعلم العامي جيدا أن الشريعة جاء لمصالح العباد ودفع المفاسد عنهم، وسد الذريعة للمفاسد، ورفع الحرج، وأنها صالحة لكل زمان ومكان، فيما يعرف بالثقافة الإسلامية التي لا فرق فيها بين العامة والأئمة، فلو صح أن  تكون الأوصاف العامة عِلَلا للأحكام، لبَطَل عمل المجتهد الذي يستنبط العلل والأوصاف الدقيقة للأحكام، كما مَثَّلتُ لذلك في علة تحريم الربا، أن الزمن لا يستقل بالثمن، وإباحة البيع بالتقسيط بعلة أن الزمن له حصة من الثمن، وهناك فرق دقيق بين الوصفين، حتى كاد أن يعرف الفقه بأنه إدراك الفرق.

 أما التعليل بالأصول العامة فهذا يعني أن ابن الجيران سوف يَرُد قول الأئمة، ويقول لا دليل عليه، لدقة دليل الأئمة وتعليلهم التي تخفى على العامة، ولهيمنة الثقافة العامة على الفكر الديني المعاصر، ونقض اجتهاد الأئمة بالأصول والعلل العامة في الثقافة الدينية المعاصرة، حيث لا يرى العامي فرقا علميا كبيرا بينه وبين الشيخ الخطيب على التلفاز، ويستهل كل منهما اقتحام منصب الاجتهاد بتلك العلل العامة،  بينما كان أئمة السلف يضعون رؤوسهم بين أكفهم سائلين الله تعالى السلامة والسداد.

ب-نقْل أصولي دقيق في هذا الباب:

جاء في الغيث الهامع شرح جمع الجوامع لأبي زُرْعة (ت: 826) في وصف العلة: (الثالث: أن تتعين، أي تكون وصفا معينا لا مبهما، وخالف فيه بعضهم فذهب إلى جواز الإلحاق بمجرد الاشتراك في وصف عام أو مطلق، وإن لم تتعين العلة فيه، ورده الجمهور بأنه يلزمه منه مساواة العامي للمجتهد في إثبات الأحكام بأن يعلم مساواة ذلك الفرع لأصل من الأصول في وصف عام في الجملة، وهذا ردٌّ واضح على القابعين في برميل الحداثة ويلفقون أوصافا عامة وينفخون الكتب في لغة تجلب العامة وتلهب عواطفهم لأن مستوى تفكير واحد بين الدعاة الجدد  والعامة يجمعهم اليوتيوب ويفرقهم الفيس بوك، يتغير خطابه إذا كان في المعارضة عن خطابه إذا صار في الحكم، لأن الأوصاف العامة تسمح له بهذا التقلب.

3-الفقه ليس ثقافة عامة:

قال الإمام السمعاني في قواطع الأدلة في الأصول  منوها بندرة الفقه وعلو مرتبته: (وبأمثال هذا الكلام تعرف مقادير الرجال ويظهر مراتبهم والفقه أَعَز عِلم خاض فيه الخائضون، ومنه مدارك الأحكام وهو البحر ذو التيار، وفيه الـمَغاصاتُ على دُرر المعانى فلا يقع عليها إلا من أُيِّد بنور من الله تعالى ومنه قيل: إن العلم نور يقذفه الله تعالى في قلوب من يشاء من عباده) فما يعج به الفضاء العام من التعليل بالأوصاف العامة ليس من الفقه في شيء، ويوشك هؤلاء أن ينزلقوا في هُوَّة الحداثة فتصبح قيمها في كرامة الإنسان، والحرية، والعدل والمساواة من الأوصاف العامة في صناعة الزيف المقدس في زمن ولدت الأمة ربَّتها، وأصبحنا أمام أحكام شرعية وهمية تشبه الشريعة وليست بشريعة.

ثالثا: الانزلاق في تناقضات الحداثة المحْرِقة:

إن الحداثة تعلِّل أحكامها بعلل مبهمة وبقيم إنسانية على شكل مباديء عامة، مثل التسامح الديني، والاعتراف بالآخر، والحرية،  إلخ، ولذلك تظهر التناقضات في تفاصيلها في العبارة  المشهورة الشيطان في التفاصيل، وعبرالأصوليون عن ذلك الشيطان، بأن العلل العامة تؤدي إلى تناقض الأحكام والتساوي بين المجتهد والعامي، وهذا التعليل لو كان في الشريعة التي هي بيان للناس، فكيف بالحداثة التي هي وضع الناس، ومثال ذلك حق الشعوب في المقاومة، وفي نفس الوقت يمكن اتهام المقاومة بالإرهاب، ناهيك عن تناقضات حقوق الإنسان وتطبيقاتها، مما يعني أن جريان الفتاوى في الإسلام على العلل العامة يتفق مع الحداثة، وهذا سبب تناقض الوسط الديني اليوم القائم على تلك العلل العامة وآخرها وباء كورونا، وغيرها كثير.

رابعا: الوصف الذي يعلل به يجب أن يكون مُعيِّنا للحُكْم:

إن الوصف الذي هو العلة شأنه أن يكون شأنَ الدليل الذي يستنبط منه الفقه، والذي يستنبط منه الفقه هو الدليل الجزئي التفصيلي في حكم معين كآية أو حديث أو إجماع أو قياس يُعين حُكْما، كالإجماع على حد الرجم وحد الردة، ومصير الكافرين الذين ماتوا على الكفر  وبلَغَتْهم الدعوة صحيحة، ولا يصح الاستدلال بأدلة عامة لا تعين حكم تفصيليا، كأن يقال في حكم المرتد  ومصير من مات الكفر وقد بلغته الدعوة صحيحة قوله تعالى: (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ)، وتُترك الأدلة الجزئية الشاهدة بخلودهم في جهنم أبدا، بينما الأدلة الجزئية واضحة في حكم المرتد في ماله ودمه الذي يطبقه القاضي.

خامسا: متى يجوز التعليل بالأصول الكلية للشريعة:

1-خُلُو الزمان من المفتين ونَقَلة المذاهب:

إذا خلا الزمان من المفتين ونقلة المذاهب المعنية ببيان الفروع المدونة في كتب الفقه، فلا يُترك الشرعُ كلُّه، بل يجب على أصحاب ذلك الزمن أن يرجعوا إلى الأصول الكلية في الشريعة، كأن يقولوا الأصل في الأشياء الطهارة، واليقين لا يزول بالشك، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح، والتحريم سَدًا للذريعة، وهكذا لأن هذا هو الحد المقدُور لهم، ولا يجوز إهمال الشريعة مع القدرة على هذا، بسبب تعذر فهم الأدلة الجزئية عليهم، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.

2-نص الإمام الجويني:

وقد بيّن الإمام الجويني (ت 478) هذه المرتبة في النظر في: غِياث الأمم في التِياث الظُلَم:  (… إذا خلا الزمان عن المفتين وعن نَقَلة  لِـمذاهب  الأئمة الماضين، فماذا يكون مرجع المسترشدين المستفتين في أحكام الدين؟ ومِلاك الأمر في تصوير هذه المرتبة أن لا يخلو الدهر عن المراسم  الكلية، ولا تَعْرى الصدور عن حفظ القواعد الشرعية، وإنما تَعْتاص التفاصيل والتقاسيم والتفريع،ولا يجد المستفتي من يقضي على حكم الله في الواقعة على التعيين)، فقد بين الإمام الجويني بين مرتبتين، مرتبة خلو الزمان من نقلة المذاهب ورتبة الذين تعتاص عليه التفاصيل والتقاسيم والتفاريع.

سادسا: قواعد النظر في المعاني العامة:

1-التمييز بين الوصف الذي هو شرط في العلة من غيره:

إن الحِكَم الشرعية من المعاني العامة تكون وصفا في علة معينة، وقد يكون هذا المعنى العام شرطا في العلة، وقد يكون وصفا في العلة غير شرط وفيما يأتي توضيح ذلك:

أ-الحكمة شرط في العلة:

علة وجوب الزكاة هي ملك النصاب، ووصف الغنى شرط في العلة، فإذا ملك الغارم النصاب، واستغرقت الديون أمواله، فإن ذلك مانع من وجوب الزكاة، لأنه ليس غنيا مع أنه مالك للنصاب، فلا تجب الزكاة عليه، لأن وصف الغنى الذي هو معنى عام شرط في العلة، والعلة معينة وهي ملك النِّصاب.

ب-الحكمة ليست شرطا في العلة:

علة الرخص هي السفر المنضبط بالمسافة، وهو مظِنَّة المشقة، ولكن المشقة ليست شرطا في علة السفر، فقد يكون السفر مرفَّهًا بالطائرة ولا مشقة فيه، ومع ذلك لا يؤثر فقدان وصف المشقة في علة السفر، وكطعم الخمر ولونها وكونها سائلة أم لا، فهذه أوصاف مرافقة للخمر، ولكنها ليست شرطا في العلة، فتحرم الخمر ولو فقدت رائحتها وطعمها، وكذلك كونها تنشر العداوة والبغضاء، فهو وصف للعلة وليس شرطا، (إِنَّمَا يُرِيدُ ٱلشَّيْطَٰنُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ ٱلْعَدَٰوَةَ وَٱلْبَغْضَآءَ فِى ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَعَنِ ٱلصَّلَوٰةِ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ)، فهذا وصف قائم بالعلة ولكنه ليس شرطا فيها، فتحْرُم الخمر ولو انتفت الحكمة المذكورة في الآية.

2-رتبة التعليل بالوصف العام أدنى رُتب الأدلة:

رُتِّبت مسالك التعليل من حيث قوتها وضعفها، لأن ذلك مفيد في الترجيح بين الأقيسة عند تعارضها، بين العلة المجمع عليها وما دُلَّ عليها بالنص أو بالظاهر، وذلك مبيَّن بالتفصيل في محاله في مسالك العلة، وبعد أن تُستخرج العلة، تمر بمختبر القوادح، ومن القوادح أن تعارض العلة إجماعا أو نصا، كتعليل منع العقود المحرمة بسبب الجهالة والربا والغرر، وبأن العقد شريعة المتعاقدين واستباحة العقود الفاسدة بهذه المقولة.

 أو من حق الناس أن يسكنوا بيوتا يملكونها، وإلى متى يبقون بالإيجار لاستباحة القرض الربوي للمسكن، فهذه علل عامة لا تثبت أمام النصوص الشرعية وأصول التحريم والإباحة الكلية، ولكنها فتاوى فاشية في الوسط الديني، لأنها تشبه لغة الأم مع طفلها، ولغة الفقهاء ليست سهلة المنال على عامة الناس، الذين خلعوا ربقة التقليد للعالم المجتهد، وقلدوا ابن الجيران.

** الخلاصة:

إن التعليل بالأصول والعلل العامة يؤدي إلى تناقض الأحكام واستواء العامي من المجتهد وهو سبب للفوضى في الفتوى، وتفرق الجماعة، وصناعة التناقضات الدينية، وذلك مشترك بين الشريعة المزيفة والحداثة .

الطريق إلى السنة إجباري

الكسر في الأصول لا يَنْجَبِر

عبد ربه وأسير ذنبه

أ.د وليد مصطفى شاويش

عَمان الرباط

5  -جمادى الآخرة -1444

29-12-2022

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to top