تأسيس وحدة الأديان مع أهل الأوثان

1-أصل الإيمان شرعا لا ينقسم:

لا يوجد كمال ونقصان في أصل الإيمان شرعا، بل الكمال والنقصان شرعا فيما زاد على الأصل، وزعْم توحيد الربوبية لمشركي العرب يعني نسبية أصل الإيمان شرعا، وهو مطلق الإيمان لغة بمعنى التصديق بوجود إله، ويُحْشد له متشابها من قوله تعالى: (ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله)، وأن هذا أمر مشترك بين جميع الأديان، وأن الخلاف في الزيادة والنقص وليس في الأصل، وهو أمر متفق مع تفسير  وحدة الأديان وهو مطلق التوحيد المشترك بين تلك الأديان في المتعالي المقدَّس.

2-ليقولن الله أم ليقولن الرب:

أ- وكان الأجدر بمتبع المتشابه أن يقول: إن عرب الجاهلية موحدون بالألوهية لأنهم قالوا:  الله، ولم يقولوا الرب، وهم الذين دعَوا الله مخلصين دون شركاء إذا هاج بهم البحر، ولكنَّ قَلْب الألوهية في الآية : ليقولن الله، إلى ليقولن: الرب، ليزعُم توحيد الربوبية للمشركين، ولكن يلزم القائل بذلك أن يتابع بأن لهم من الولاء بقدر ما لهم من التوحيد والإيمان النسبي.

ب- وهذا يعني انهيار أحكام فَرعية أخرى كثيرة في الشريعة بسبب زعم أصل التوحيد لأبي جهل وهذا يعني أنه كان من كبار المناضلين عن توحيد الربوبية واستشهد في سبيله في معركة بدر، ولكن الله تعالى قال في أهل بدر: (هذان خصمان اختصموا في ربهم)، وليس في إلههم.

3-طبخات العولمة بألفاظ الشريعة:

إن مطلق الإيمان اللغوي  هذا موجود في الأديان كلها، ولا يتوقف على من نَسبوا أنفسهم للديانة الإبراهيمية والتوحيد الإبراهيمي، بل إن زعم توحيد الربوبية للوثنيين العرب في الجاهلية هو تأسيس توحيد ربوبية مشترك للديانة العالمية، ويزيد على ما سُمي بالديانات الإبراهيمية لتأسيس الديانة العالمية الموحَّدة على توحيد الربوبية المزعوم لعرب الجاهلية، ونقول لا يوجد كافر بالإله مؤمن بالرب، لأن الله والرب ذات واحدة، لا ذاتان، إما أن يكفر بها الإنسان أو يومن، فلا يوجد حساب كميات ولا نسبية في أصل الإيمان، ولا تعدد ذوات في الإله الواحد، ومن دعا بالرب فقد دعا الإله، ومن دعا بالإله فقد دعا الرب، لأنه تعالى ذات واحدة لا متعددة، ولا يوجد كفر بالإله وتوحيد بالرب، لأن الله تعالى واحد بالذات والصفات والوحدانية لا نسبية فيها.

4-تعدَّدَت الشبهات والسبب واحد:

إن التحجر على الأوضاع اللغوية والتحجير على المعاني الشرعية يكاد يكون سببا رئيسا في الانحرافات العقدية، وقد كانت الحرب الأولى بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم  لمانعي الزكاة بسبب الاقتصار على التفسير اللغوي بقَصْر خطاب المشافهة في قوله تعالى : (خذ من أموالهم صدقة) على النبي صلى الله عليه وسلم،  لأن المشافَهة بالوضع اللغوي تخص المخاطَب فقط، ولكن الصديق رضي الله عنه ردَّ عليه بمراد الشارع فقاس الزكاة على الصلاة، وهو قياس شرعي لا لغوي، فالصلاة غير  الزكاة لغة، وكشَف الصديق رضي الله عنه مخاطر التَّحَجُّر على الوضع اللغوي، والتحجير على المعنى الشرعي.

5- بين التوحيد المفقود والموجود:

أ-إن تفسير  قوله تعالى:(ليقولن الله) بأنه توحيد يجعل التوحيد لغويا لا شرعيا، ولكن توحيد الله شرعا: هو إثبات ذات لا تشبه الذوات ولا مُعَطلة عن الصفات، ولم تتحقق منه ذرة في مشركي العرب، وما زالت شبهات المنهج في الزمن الأول لمانعي الزكاة في عهد الصديق رضي الله عنه،  يتردد صداها في كل زمن، وملخصها التحجر على الوضع اللغوي، والتحجير على المعنى الشرعي.

ب- وقد آن النهوض بما نهض به إمام السلف الصديق رضي الله عنه في درسه الأول في الاجتهاد بإحياء مراد الشارع، لا مراد امرِيء القَيس الذي تذرع به مانعو الزكاة، وماذا لو تحجر  الزاعمون توحيد الربوبية للمشركين على المعنى اللغوي في الصلاة والصيام والحج والزكاة  كما تحجَّروا على الوضع اللغوي في معنى التوحيد لإنتاج مؤمنين بلا حدود، فماذا سيبقى من الشريعة غير  لغة امريء القيس؟!

مقالات ذات علاقة:

1-وَحْدة الأديان وسؤال ما معنى الإيمان ؟

2-هل كان أبو جهل موحِّدًا بالربوبية

3-بيضة الثعبان في تأسيس وحدة الأديان

 

الطريق إلى السنة إجباري

الكسر في الأصول لا ينجبر

عبد ربه وأسير ذنبه

أ.د وليد مصطفى شاويش

عَمان المحروسة

  8 -ذي القعدة -1442

  18 – 6 -2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to top