علو الإسناد في علم الحديث وعلاقته بالإعلام ومواقع التواصل

أولا: تشابه موضوع علم الحديث مع موضوع الإعلام.

إن موضوع علم مصطلح الحديث باختصار هو نقل الخبر، والإعلام هو نقل الخبر كذلك، وقد كنت أتطلع دائما إلى طريقة ما لتوظيف علم الحديث الشريف في ضبط نقل الخبر هذه الأيام، خصوصا في ظل انتشار الشائعات والأخبار الملفقة عبر القنوات الفضائية التجارية، ومواقع التواصل الاجتماعي والصحافة الصفراء، التي تروج للأخبار الكاذبة، وفي الوقت نفسه نرى تدينا عاطفيا يتعامل بسذاجة مع هذه الأخبار، مع غياب التدين المعرفي في الفضاء الإعلامي، رغم المخزون العلمي الهائل في علم الحديث.

ثانيا: معنى عُلُو الإسناد:

فعلى سبيل المثال كان من مباحث أئمة الحديث علو الإسناد، ويعني القرب من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسند صحيح، يعني كلما قلّ عدد الرواة بين الراوي والنبي -صلى الله عليه وسلم، فهذا إسناد عالٍ له مكانة عند المحدثين، لقلة الوسائط بين الراوي والنبي -صلى الله عليه وسلم، وهو ما يعرف بِعُلو الإسناد المطلق، وهذا في الحديث الصحيح نظيف السند، الذي لا ترى فيه عِوَجا ولا أَمْتا، فكيف لأمة تهتم بعلو الإسناد في كلام نبيها -صلى الله عليه وسلم- ثم تصبح ضحية الأخبار الكاذبة التي أصبح لها سوق رائجة هذه الأيام.

ثالثا: مثالان تطبيقيان:

1-فعلى فرض أن هناك صحفا تتصف بالمهنية الإعلامية، فإننا لا نكتفي بنقل الخبر من إحدى الصحف المحلية ما دمنا نجده في وكالة الأنباء “بِترا”،  وهي الوكالة الرسمية الأردنية للأنباء، وتنقل عنها الصحف المحلية وغيرها، وهكذا في الأخبار عن كل دولة لها وكالة أنباء محلية، أما إذا  كانت الأخبار عالمية، فإما من وكالة أنباء البلد الذي حصل فيه الحدث، أو من الوكالات العالمية “رويترز” التي تنقل عنها الوكالات المحلية في الغالب الأخبار العالمية.

2-وهذا أيضا في منهجية البحث العلمي، والقيمة العلمية في النقل عن المصادر الأصيلة والمختصة، والبعد عن المصادر الوسيطة ما أمكن، فلا يصح النقل عن كتب القانون من كتب الفقه، ولا عن مدارس الفقه الإسلامي من الكتب العامة مثل الموسوعة الفقهية الكويتية على جلالتها ومكانتها، بل لا بد من الأخذ من المصادر المعتمدة في المدارس الفقهية، وكذلك تؤخذ مصطلحات المالية من المعاجم المختصة بها، لا من الكتب التي لم تختص بضبط المصطلح، وهكذا في شأن كل علم من العلوم.

رابعا: علو الإسناد خاص بمصادر لها مصداقية:

لا يفيد علو الإسناد في المصادر التي لا مصداقية لها، بمعنى أن عُلو الإسناد له قيمة ومزية إذا كان المصدر له قيمة والوسائط التي نقلت عنه فيها ثقة،  فلا قيمة للنقل عن صفحات الفيسبوك الوهمية،  والنقل عنها هو طريقة القصاص في التاريخ، الذين لا يراعون الثقة فيما ينقلون، ولا عمن ينقلون، وهذا من أشد الفساد في الأرض، ومثال ذلك تداول الأدعية والمأثورات غير الثابتة، والتوعد لكل من لا يمررها أو يصيبه كذا وكذا، بالإضافة إلى أخبار يقصد بها الإثار دون أن تكون لمصادرها أي موثوقية.

الطريق إلى السنة إجباري

عبد ربه وأسير ذنبه 

د. وليد مصطفى شاويش

https://www.facebook.com/drwalidshawish/#

4-10-2016

عمان المحروسة

2 thoughts on “علو الإسناد في علم الحديث وعلاقته بالإعلام ومواقع التواصل

  1. أكتوبر 3, 2019 - غير معروف

    جزاكم الله خيراً دكتورنا الغالي ما زلنا نقتبس من نوركم الفياض

  2. أكتوبر 3, 2019 - غير معروف

    اهم كتاب صحيح في الحديث الامام المحدث العلامه الذي حفظ الحديث الرسول ونقلها عن السند الصحيح ابوابها وكذلك صحيح مسلم بن الحجاج تحرثوا الدقه في الحديثث حتى تص

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to top