إن اعتبار الأفعال المحتمِلة عِلة للتكفير دون قيد أهل السنة وهو الجحود للمعلوم من الدين بالضرورة كما تبينه المذاهب الأربعة، يحوِّل التكفير من القاعدة الدينية الموضوعية الصُّلبة البعيدة عن الشخصنة والاحتمال، إلى التمييع والتوظيف السياسي بين الخصوم، فيمكن للموالاة والمعارضة والحزب والجماعة تتبع المتشابهات وتسخيرها بشكل متناقض بما يخدم صاحبه في تكفير الأفعال المجمَلة، وليس لهم بعد هجر الإجماع ضابط ينتهون إليه، بعدما جاءهم العِلم بَغيًا بينهم، ولو التزموا الإجماع، لوجدوا الطريق واسعا لإصلاح ذات البين، وإن الفرقة من علامات البدعة، والجماعة من علامات السنة، ومن خرج من حَدِّ الشارع لم يَعُد له حدٌّ ينتهي إليه.