نعم لِهَبَّة المساجد… لا لِهَبَّة الغاز القديم ولا للنتيجة صفر تربيع

تمهيد: الغاز القديم لمن لا يعرفه:

دخل الغاز المنازل بالعزة والأنفة على ذلة بابور الكاز الذي أحيل إلى التقاعد فيما بعد، وأصبح البابور جزءا من التراث العريق، وذكريات الزواج السعيدة عند بعض الزوجات اللواتي حظِين ببابور كاز أخرس  (silent)، واحتفظن به على أنه من الذكريات التي لا تنسى، بالرغم من كثرة ضحاياه  الذين استخدموه للتدفئة في  أربعينية الشتاء، وأخبار عدالته في الانفجار بين المواطنين الشرفاء والفاسدين على السواء مشهورة.

أولا: دوام الحال من المحال:

ولما كان دوام الحال من المحال، وكما تدين تدان، آلت حال الغاز إلى ما آلت إليه حال البابور بسبب الثقافة الشعبية التي لا تفرق بين بيع الأرض وبيع الأثاث، على اعتبار أن كليهما عند الشعب الكادح أموال غير منقولة، فطال الأمد على الغاز، وصدِئت أنابيبه، وظهرت عليه أعراض الكِبَر والـخَرَف، فعند إشعاله لا يشتعل، وإذا أطفأته هبَّت ناره كبرا وعنادا، وتكاد تحرق صاحبها، بسبب تقارب السن بين الغاز العجوز وصاحبه المعروف بالعريس سابقا.

ثانيا: التدين العاطفي وهبة الغاز القديم:

1-بالرغم من همة الدعاة والمصلحين للدعوة إلى صلاة الجماعة، أيام فتح المساجد أبوابها، إلا أن تلك الدعوات لم تلق الاستجابة الكافية، وعندما أغلقت المساجد أبوابها حفاظا على الحياة من الوباء، وإذا بالصيحات للصلاة في المسجد على كل شرف وواد، ودعاة فتح المساجد للصلاة من كل حَدَب ينسلون ممن يصلي في المسجد ومن غيره، وتضرب السنة بالسنة، وتقامر  بحياة المجتمع.

 2-وقد حرم الله القمار بالمال، فكيف بالمقامرة بحياة المجتمع والأمة،  من أصحاب فتاوى الغاز القديم،وضربوا قول النبي صلى الله عليه وسلم:  لا عدوى ولا طيرة، بحديث فر من المجذوم فرارك من الأسد، وتناقضت عليهم أدلة الشريعة، ودعوا إلى الاستشهاد في مواجهة كورونا، وكورونا لا يدري.

ثالثا: حَدَث معي:

في يوم مشهود من أيام كرة القدم، وأظنها من كأس العالم، حانت صلاة العشاء أثناء المباراة، فجمعت عَلَـيَّ ثوبي وقَـلـَنْسُوتي وسعيت للمسجد، فكانت الطرق خاوية على عروشها، ولم أجد في الطريق إلا عجوزا ذاهبا للمسجد، فقال لي: الناس مشغولون بكرة القدم، وما كاد يكمل عبارته وإذا بصيحة ملأت الفضاء، فقلت لزميل الطريق: بالتأكيد هذه صيحة هدف محقق لا محالة! وهز رأسه مسلِّما بالهدف، وأنه لا جدال فيه، فلما وصلنا المسجد، وإذا بالصفوف فارغة، تصفِّق ليس فيها أحد إلا قليلا، فَـرَثَينا لحال الصلاة والمسجد.

رابعا: أصحاب الصيحة والنتيجة صفر تربيع:

وما أن عدت إلى بيتي غير مَعْنِـيٍّ بنتيجة المباراة ، ولكن الفضول جعلني أسأل عن أصحاب الصيحة، فقيل لي: النتيجة 5/ صفر لصالح الخصم، قلت: فما بال الصيحة؟ فقالوا: والله، الكُرَة في العارضة مع الأسف! قلت: إذن نتيجتكم صفر تربيع، فقالوا: نعم، والنتيجة صفر في أرض المباراة ،مضروبا بصفر في المسجد، والنتيجة: صفر تربيع، قلت: ويبدو أن كثيرا من الصيحات هذه الأيام في العارضة أيضا.

خامسا: ستبدي لك الأيام:

ولكن ها هي المساجد ستفتح لجميع الصلوات بعد غد إن شاء الله، فهل ستملأ المساجد، أم أن الصيحة للمساجد كانت هَـبَّـة غازٍ قديم، طال عليه الأمد فَصَدِئت أنابيبه، أم كانت ضربة في العارضة، أم علينا أن لا نـتـعجل الأمر،  ونقول لطرَفةَ بنِ العبد أنشدنا:

سَتُبْدِي لَكَ الأيَّامُ مَا كُنْتَ جَاهِـلاً***ويَأْتِيْـكَ بِالأَخْبَـارِ مَنْ لَمْ تُـزَوِّدِ

الطريق إلى السنة إجباري

الكسر في الأصول لا ينجبر

عبد ربه وأسير ذنبه

أ.د وليد مصطفى شاويش

12-شوال -1441

 4-6 -2020

1 thought on “نعم لِهَبَّة المساجد… لا لِهَبَّة الغاز القديم ولا للنتيجة صفر تربيع

  1. يونيو 5, 2020 - غير معروف

    هي صحوة مكره أخاك لا بطل
    ام رب ضارة نافعة
    ام هي صحوة بعد غفلة
    ما شاهدناه في الفترة السابقة …ما كانت لتظهر الا بهذه الظروف..وكأنك ليس في عالم الدنيا كانه حلم بل كابوس ..لكنه كابوس ليس بالقصير وإنما هو طويل الأمد وفي أبشع صوره.
    لكن كما قلت ستؤدي لك الايام ما كنت جاهلا.
    اللهم اهدنا وسددنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to top