حتى لا يلتبس الجهاد بالقتال الدنيوي كان لا بد من صناعة الجهاد الأكبر وهو صناعة الإرادة التي تحرره من الغريزة وكلف ذلك ثلاثة عشر عاما، من الكف عن قاتل سُمية ومُعذِّب بلال وغيرهم، وسَمَّى الله تعالى الصبر والثبات على الشرع بالجهاد الكبير (فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا) وبعد نجاح الجهاد الأكبر الحُر من الغرائز وشهوة الانتقام، والرغبات الدنيوية جاء التخفيف والتيسير بقوله تعالى: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39)، فكما أن الوضوء والصلاة ليسَا تاريخا، كذلك الجهاد المكي شرط صحة في الجهاد المدني.