وأخيرا هكذا تكلَّم التضخم!!! عزيزي الموظف المضرب عن العمل، عزيزتي الحكومة المضربة عن الزيادة

وأخيرا هكذا تكلَّم التضخم!!!

عزيزي الموظف المضرب عن العمل، عزيزتي الحكومة المضربة عن الزيادة

عزيزي المواطن، إلى متى هذه الحالة في التراخي عزيزي المضرب في مطالبك المالية العادلة، عزيزتي الحكومة إلى متى تقصرين في إجابة مطالب المضربين على اختلاف أنواعهم: معلمين، وأطباء وممرضين، وكهرباء، وماء، وغيرهم من المواطنين، الذين يئنون تحت ضغط الحاجة، ويبحثون عن العيش الكريم، بالرغم من أنك لا تدفعين من جيبك الخاص، بل هو من الضرائب المتحصلة من الشعب، ولكن على معشر المضربين حكومة وموظفين أن يعلموا أن خراج الإضراب راجع إليَّ ولو بعد حين!.

كيف؟ هذا سهل، اتفق الاقتصاديون على أن الزيادة في الأجور هي زيادة في المعروض النقدي مقابل سلع محدودة، وبناء على قانون العرض والطلب، فإن الزيادة في الأسعار تصبح حتما مقضيا إذا زيدت الرواتب، وأنا بانتظار هذه الزيادة التي -مع الأسف- تأخرت الحكومة في منحها للمضربين، لأن الزيادة الحتمية في الأسعار، هي طعامي الذي أعيش عليه، وأنا من حقي أن آخذ ما دفعته الحكومة تحت ضغط القوة، لأن ما أخذه المضرب بالقوة فأنا ألتهمه أيضا بالقوة، فنحن جميعا سواء في الكسب عن طريق القوة، ولا يعنيني أن الحكومة ستقترض من سوق المال العالمي، للوفاء بمطالب المضربين العادلة، تلك المبالغ التي ستسددونها لي أنتم جميعا حكومة وشعبا، مع زيادة الفائدة الربوية المحرمة، مع العلم بأن اقتراض الحكومة يعني أنني سأنهشكم مرتين، الأولى بأن تدفعوا الفوائد على القروض الحكومية، ثم أنهش منكم تلك الفوائد، ثم أهبِش الزيادة التي أخذتموها بقوة الضغط، فأنا قانون طبيعي لا يمكنكم ردِّي أبدا، أنا زلزال دائم، وفيضان عارم، أدمر الجميع فقراء وأغنياء، ضعفاء غير قادرين على الإضراب، وأقوياء قادرين على الإضراب، وحكومة عاجزة عن الاقتراض، لا تحزنوا فأنتم جميعا من ضحاياي.

فإن كنتم في شك من قولي، فاسألوا الذين سبقوكم من المضربين بالزيادة على الراتب والتابعين لهم بإحسان، سلوهم كيف دَخلْتُ إلى بيوتهم في ظلمة الليل وهي محكمة الإغلاق، فطفت على الزيادة وهم نائمون، فأصبحت عدَما كالصريم، فتنادوا في إعلامهم مصبحين، لقد ذهب الغلاء بمال المدَّخرين، فهل أنتم من جديد من المضربين؟ وأنا للحكومة من المحذرين، لا تكونوا في فرض الزيادة من المتأخرين، فإن الزيادة قوتي وأنا لها من المنتظرين.

وإنني وبصفتي متضخم جدا من أموالكم، ومن حقي أن أعيش بينكم وفق ميثاق العيش المشترك بيننا، لن ترضوا إعلان وفاتي بسبب استقرار الأسعار ووقف الغلاء، كما أحذركم ثم أحذركم في ختام كلمتي هذه من محاربة الفساد، وإعطاء الزكاة، ومنع الربا، فأنتم تعلمون أن محاربة الفساد تعني تحويل الأموال من الفاسدين إلى ذوي الحاجة، أي لا توجد أموال فائضة في السوق، تؤدي إلى التضخم، فالأموال التي كان سينفقها الفاسد، ستكون من نصيب صاحب الحق: فقيرا، وغنيا، وضعيفا وقويا، وعليه فأنا أخسر كثيرا في محاربة الفساد، أما الربا فهو أخي الشقيق حيثما ذهب قلتُ له خذني معك، وأما الزكاة فهي تحفيز للإنتاج بتحويل الأموال من الأغنياء للفقراء، لتحفيز المصانع على الإنتاج للوفاء بحاجات المساكين، إن إصاباتي الخطيرة جدا كانت على يد العدل، وحب الفقراء العاجزين، وإعطائهم كفايتهم، ونبذ الربا.

لذلك أخاطبكم يا معشر المضربين والمضربات، ويا أيتها الحكومة، أنتم جميعا لا تحرموني من الزيادة على الراتب، واحذروا كل الحذر من دعاة منع الربا، وتطبيق الزكاة، وتحقيق العدالة للفقراء والمعدَمين، العاجزين عن النهوض من فرش المرض، وعن الخروج من منازلهم المُعْبِسة في وجوههم، لأنهم لا يوجد لهم عمل يضربون عنه، ومع ذلك يدفعون الرسوم والضرائب كغيرهم، وهذه الرسوم تسبب لي غُصَّة في الحلق ومرارة في القلب لأنني أضطر أن أنهبهم كغيرهم من المضربين، وما ذنبي إن كان بعض أموال الفقراء في تلك الزيادة التي حصل عليها المضربون؟!.

لازالت مرارة تلك الحرب التي خاضها الخليفة الراشد الأول أبو بكر الصديق على مانعي الزكاة، لصالح الفقراء تعتمل في صدري، فلم أعرف يوما في تاريخ البشرية أن تاجرا كبيرا يخوض الحرب لصالح الفقراء إلا في دين الإسلام، حرب يشنها الأغنياء الأقوياء لصالح الفقراء، الذين خفف عنهم الخليفة الأول تكاليف الدخول في قوى الضغط لتحقيق مطالبهم، لأنهم أقل من أن يمارسوا ضغطا على أحد، إياكم جميعا أن تعيدوني لتلك الأيام القاحلة، ادعموني بإضراباتكم، ادعميني أيتها الحكومة بزيادة الرواتب للمضربين، لا تتأخروا عليّ أنا بانتظاركم جميعا يا أحبائي في نهاية الطريق، فأين تذهبون؟.

وكتبه رجل من العامة

د. وليد شاويش

عمان المحروسة في

الثلاثاء الموافق 2/9/2014

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to top