إن صفة الكلام لله لا يُتصور عدمُها، فهي واجبة باقية قائمة بالذات العَلِيَّة، كالحياة والعلم لمولانا تبارك وتعالى ، وليست مجازا، بل حقيقة كما قال ابن أبي زيد: (كلَّم موسى بكلامه الذي هو صفة ذاته)، وإنَّ زعْم تعطيل صفة الكلام بسكوتٍ أو انقطاع، وهو تعطيل لصفة الكلام الأزلية الباقية، الدالةِ على عِلْم الله تعالى، ويلزم من هذا التعطيل بالسكوت أن يكون لله عِلْم لا كلام يدل عليه، وهو نقص في صفة الكلام سبحانه وتعالى عما يقول المعطِّلة عُلوًّا كبيرا، وزعمتِ الطوائف كالكرامية والمعتزلة أن القرآن مُـحْدَث راجع لمشيئة الله كالمخلوقات، واضطربوا فيما وراء ذلك، لأنَّ مَن خرج مِن حَدِّ الشارع لم يَعُد له حَدٌّ ينتهي إليه.