جاءت الشريعة بالوسط، بين الغلو والـجُفُو، والخوف والرجاء، وإن المعاصي لها لذة عاجلة وحسرة آجلة، تنهش قلب صاحبها، فإما إلى توبة أو قنوط من رحمة الله، أما الغلاة فإنهم تجاوزوا حد الشارع، وإن الـمُنْبتَّ لا ظَهْرا أبقَى ولا أرضا قطَع، فإن المشدِّد على نفسه يوشك أن ينقطع وينحَلَّ من الشريعة، وخير الأمور التقلب بين العزيمة واليسر، ففيهما رحمة الله وفضله، وإن الشريعة وُضعَت على العموم الوسط، فيُرد الجفاة للعزيمة ليرجعوا إلى لوسط، ويُردُّ الغلاة لليُسر ليرجعوا إلى الوسط، فسبحان الله على لُطفه بعباده وعدْلِه فيهم.