إن الإنسان مختار بين الطاعة والمعصية، وعلى ذلك الثواب والعقاب، أما في أموره الاضطرارية ولادة وموتا، ودقات قلبه، واختيار أبويه فهذه أمور لا خيار له فيها ولا ثواب ولا عقاب، وتلتبس كلمة الحرية مع الاختيار في أن الاختيار لا ينافي الافتقار، فالإنسان يختار طعامه وهو مفتقر إليه، وكذلك في ذهابه للطبيب والجامعة فهو مفتقر للأستاذ المعلم والطبيب المعالج، وزعم الحداثة الحرية مطلقا جحود بأن الله تعالى خالق أفعال العباد، بل يعتقد الحداثيون والقدرية من الطوائف الإسلامية بأن الإنسان مؤثر في خلق فعله، فيكون العبد خالقا مع الله تعالى فيما يسمى القوى المودعة وأنه إذا سأل فلانا فيما يقدر عليه، فكلمة الحرية ملتبسة واستعمالها محل كلمة الاختيار شرعا فكٌ لارتباط ألفاظ الشريعة عن معانيها، وهو جوهر الحداثة.