عفوا معلمي الحبيب أنا مضرب أيضا!!

1-معلمي العزيز لا تدري كم اشتقت إليك وإلى لقائك مذ كنت طالبا في المدرسة قبل عشرين عاما عندما أضرب المعلمون وكنا وقتها طلابا صغارا على مقاعد الدراسة، وبرغم حداثة سننا أثناء ذلك الإضراب اقتنعت بدعوة المعلمين تلك لانتزاع الحق، وقد ضحينا وقتها بتعليمنا ودراستنا راغبين مؤيدين بأن هذا هو السبيل لاسترداد الحقوق، ولكن مضت الأيام ودارت السنون، وأصبحت اليوم طبيبا حاذقا، واليوم تدخُل علي ممددا على سرير المرض بعد عمرك الطويل في العطاء والبذل، وقد أصبحت أنت المريض وأنا الطبيب، وتبادلنا المواقف كما تبادلنا الحب أيام الدراسة، أحبك يا معلمي كثيرا كما أحببتنا أيام الدراسة ونحن صغار، ولم يكن يقطع لقاءاتنا في مدرستنا الصغيرة سوي أيام إضرابكم العظيم لنيل حقوقكم العادلة.

2-ولكن يؤسفني أستاذي العزيز أنني أبلغك أنني مضرب عن تقديم خدمة العلاج لك، لأن نقابتنا العزيزة قد نظمت إضرابا للإطباء اقتداء بإضرابات المعلمين السابقة، التي أثبتت عدالتها وكفاءتها في استرداد الحق المسلوب، لقد أحببتنا كثيرا، واعتذرت عن تعليمنا أيام الإضراب لأجل تحسين وضع المعلم ليتحسن التعليم إذا تحسن وضع المعلم، والمستفيد بالنهاية هو الطالب، أرجو أن تتفهم أستاذي الحبيب أن إضرابي وزملائي اليوم يسير على نفس نهج السلف الصالح من المعلمين الذي سبقونا بالإضراب، فإضرابي اليوم عن علاجك، هو لتحسين الخدمة لك في المستقبل، لأن تحسين وضع الطبيب كتحسين وضع المعلم، فكما أن رفع راتب المعلم هو رفع لمستوى التحصيل الدراسي للطالب، فإن رفع راتب الطبيب هو تحسين لمستوى خدمة المريض.

3-معلمي الحبيب، أو المريض الحبيب، خدمة علاج الجسد ليست بأعظم من خدمة تعليم العقل وتربية الروح، احكم علي اليوم بذات الحكم الذي حكمت به لنفسك يوم إضراب المعلمين الذي أصاب كل أُسْرة، وإضرابي أنا أصاب كل الأسِرَّة، فأظن أننا متشابهون في كل شيء، وهل أنا وإضرابي سوى بعض إنجازاتك، هل لك أن تطلب مني أن أعاملك بالإحسان ورجاء الدار الآخرة، ولو هضم حقي في الدنيا، بالتأكيد يا معلمي الحبيب لن ترضى لي ذلك، لأنك لم ترض بذلك لنفسك، لأنننا يجب أن نقيم العدل في الدنيا أولا!!.

4-معلمي الحبيب، ألسنا جميعا نحب كتاب الله، وقرأناه في رمضان القريب، أستاذي الحبيب لقد كان لسانك رطبا من ذكر الله تعالى، ولا أنسى وصيتك لنا بالحرص على صيام الست من شوال، كنت حريصا على حثنا على مكارم الأخلاق،  وها نحن نلتقي من غير موعد، وإلى أن نلتقي في إضراب آخر إن شاء الله.

مَنْ ظُلِم لا يظْلِم 

وكتبه عبد ربه وأسير ذنبه

د.وليد مصطفى شاويش

25-8-2014

6 thoughts on “عفوا معلمي الحبيب أنا مضرب أيضا!!

  1. أبريل 26, 2018 - غير معروف

    جزيت خيرا دكتورنا
    الفذ وشيخنا الفاضل

  2. سبتمبر 4, 2019 - غير معروف

    رائع..
    بوركت دكتورنا الفاضل..
    وانا معلمة اجدد العهد مع طلابي لنواصل معهم طريق العلم دون انقطاع مهما كانت الأسباب والضغوطات..
    فالرسالة التى نقدمها اسمى وارقى روحيًا وفكريًا من اي شيء يتم المساوامه عليه.

  3. سبتمبر 5, 2019 - رحمة حسين

    أبدعت دكتورنا الفاضل

  4. سبتمبر 6, 2019 - انس الفقير

    الله يجزيك الخير

  5. سبتمبر 6, 2019 - غير معروف

    بارك الله بك دكتورنا لا يظلم من ظلم……

  6. سبتمبر 12, 2019 - A.G

    السلام عليكم
    شكراً على المقالة وتذكيرنا أن ننظر من وجهة نظر غيرنا،
    لكن لم أستشف من المقالة إن كنت توافق على الإضراب أم لا؟
    وجهة نظر : من حيث المبدأ : الأصل عدم اللجوء إلى الإضراب ، لكن عندما تقابلك الجهة الأخرى ولا تقدّر موقفك وحاجتك ولا تنظر إلى قضيتك نظرة الجاد والحريص على مصلحتك عندها ستضطرُّ إلى اتخاذ مواقف هي ليست من شيمك ولا تحبّ أن تنحو هذا المنحى.
    أنا لا أعلم إن كان الإضراب صحيحاً أم خاطئاً، لكن أرجو أن يأخذ كلّ ذي حقٍّ حقّه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to top