ذكرْتُ أن الشريعة أكثر تفصيلا من القانون، فيما يتعلق بتحريم الغرر في البيوع، لأن القانون يقتصر على اشتراط عدم مخالفة النظام العام، و قائم على الفلسفة الفردية في الإرادة، التي تعطي للإنسان الفرد سلطة واسعة على ماله ولو باع بالغرر، بينما الشريعة تجعل الإنسان وماله مملوكين لله تعالى، وأن الإنسان وكيل في التصرف في ملك الله في حدود الوكالة، وتفضل الله على الإنسان بأن يحافظ على مال الإنسان حتى لو أهدره الإنسان، لرحمة الله بعباده وقاية لهم من الندم، وهذه الرحمة ليست في القوانين المدنية التي تنطلق من الفلسفة الرأسمالية، ولذلك يجب أن تخرج القوانين في الشريعة منسجمة مع أصول الدين، كما أن قوانين الرأسمالية منطلق من الفلسفة الرأسمالية الفردية. الروح المسافرة عبد ربه وأسير ذنبه أ.د وليد مصطفى شاويش عَمان الرباط 22 -ذي الحجة-1444 11-7-2023
الوسم: تحريم الغرر
قاعدة الفرق بين النظام العام في القانون والمنهي عنه لحق الشرع في الأموال
ينظر القانون إلى مخالفة النظام العام في أمر كلي اجتماعي كحفظ الأمن، أو ما يخل بالمصالح العليا للبلاد، ولا يضر لو أن المكلف دخل في بيع غرر مع آخر إذا لم يكن مؤثرا على النظام العام، بينما نجد أن الشريعة أخصُّ في ذلك من القانون، فهي تحمي المكلف على نطاق الأفراد من الغرر، وضياع ماله بلا مقابل ولو غامر المكلف ورضي لنفسه ذلك، فيُفسخ العقد لحقِّ الشارع، لأن عقود الغرر مقامرات، فإما أن يندم البائع أو المشتري، والشريعة تحمي كليهما من الندم بسبب ذهاب مال المقامِر بالغرر، فالشريعة تحمي الإنسان من نفسه على نطاق الأفراد ولو لم يترتب ضرر عام، فهي أخص نظرا، وأحسن تفسيرا. الروح المسافرة عبد ربه وأسير ذنبه أ.د وليد مصطفى شاويش عَمان الرباط 22 -ذي الحجة-1444 11-7-2023