أهل السنة ووجوب تحييد الفوضى الخلاقة

1-أهل السنة تغيير المنكر أم تغيير السلطة:

تعتبِر المعتزلة والشيعة والخوارج مسألة السلطة قضية مركزية في فكرها الأصولي، وذهب أهل السنة إلى مركزية الشريعة -وفرعية السلطة، وكان عمل أئمة الاجتهاد هو تغيير المنكرات دون المغالبة على السلطة، ولو كان في ذلك حبسهم وقتلهم، وحرسوا الأمة والبيان العلمي الشرعي من التحريف والأمة من سيل الدماء.

فكر الاعتزال أسقط الخلافة:

وبعد أن سيطر فكر الاعتزال الذي يعتقد بسقوط ولاية الخليفة إذا سقطت عدالته والتكفير بالذنوب مثل الحاكمية والولاء والبراء وجعلها من أصول الدين، وشيوع فكرة الاستبداد في الخلافة، وضرورة التحرر من الخلافة العثمانية ليعود الحكم للشعب، وهو الفكر الذي توافق مع رغبة الدولة الاستعمارية، بإزاحة الخلافة العثمانية وإسقاطها بسبب انتشار الفكر الاعتزالي وتوافقه مع الفكر الاستعماري.

3-من تغيير المنكر إلى الصراع على السلطة:

 وتحوَّل تغيير المنكر وحقن دماء الأمة وبيان الشريعة، إلى صراع مستمر على السلطة، لم يقف عند خلع السلطان عبد الحميد ثم التباكي على الخلافة، بل إلى الصراع الدموي مع الدولة الوطنية التي خلَفَت الخلافة العثمانية، بذات الطريقة التي أسقطت بها الخلافة، وهي التكفير بالذنوب في الحاكمية والولاء والبراء إلخ، وتفكيك الدولة الوطنية مع أن الحركات الدينية السنية نفسها قاتل بعضها قتال ردة، والخلاف بينها أشد من الخلاف بينها وبين الدولة الوطنية، مما يعني عدم البديل وفوضى عارمة لا يدري القاتل فيما قَتَل ولا المقتول فيما قُتل كما هو الشأن في الشام والعراق واليمن ولبنان، وليست هذه إلا رؤية برنارد لويس، في زمن التفاهة الفكرية التي تصدَّر فيها ابن الجيران.

4-توافق الطوائف والحداثة في الفوضى تمهيد لدولة الكيان:

واستمر الصراع حتى اللحظة، وهو ما يتوافق مع فلسفة برنارد لويس في الفوضى الخلاقة في العالم العربي التي يعيشها المسلمون اليوم تمهيدا إلى الديمقراطية حلا بديلا للإسلام هروبا من  دموية الصراع الديني والطائفي، واستنساخ الحرب الدينية الأوروبية في العالم العربي، ليكون نبذ الدين الذي سبب الصراع -بكيدهم- إلى الهامش هو الحل، وإحلال لغة المصالح الدنيوية، التي تصبح فيها دولة إسرائيل كيانا طبيعيا في المنطقة، وكل ذلك بسبب اختراق الاعتزال الفكر الديني السني، وإقصاء تدريس العلوم الأصلية عند أهل السنة، وتغييبها عن ساحة العلم، والحل هو استرداد هذه العلوم وإعادة تطبيقها عمليا.

الطريق إلى السنة إجباري

الكسر في الأصول لا يَنْجبِر

عبد ربه وأسير ذنبه

أ.د وليد مصطفى شاويش

عَمان الرباط

2 -رمضان-1445

13-3-2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to top