مرآة جميلة ليست من زجاج

 1-تقف-كالمعتاد- أمام الـمِرآة ترتب ملابسك وهيئتك بحسب الصورة في المرآة، ولكنك لم تسأل عن مسحة الجمال في النفس وهي تجري مقابلة ذوقية بين جسدك  والصورة في مرآة الزجاج، ومن حيث لا تدري تعطف يدك بالـمُشط على موجات شعرك مُمِيلا بِلَحْم وجهك أمام الزجاج القاسي، وأنت تنظر لوجهك المحسوس في المرآة القاسية، دون أن تلتفت إلى المرآة اللطيفة في نفسك، التي صنعت هذا الذوق والجمال المحسوس، هذا الذوق والجمال المودَع في النفس هو  الذي اخترع كل صور الجمال من حولك.

 2-وإن كانت مرآة الزجاح صماء بكماء، ولا ذوق فيها وإنما تعكس الجسم أمامها، فإن مرآة النفس مختلفة، فهي تمتلئ بالحياة وتتعدد فيها الأذواق بتعدد البشر، فكل إنسان له ذوقه الخاص، وعالمه المنفرد من الجمال، والإحساس بروعة الخلق، ولو اتَّفقَتْ الأذواق لَبارَت السلع، وما رأيتَ الحواسيب والهواتف وما حولك أشكالا وألوانا، ولَتوقَّفَ تنافُس الشركاتِ والمصانعِ في الإبداع، فسبحان مَن أقْسم بالنفس فقال:(ونفس وما سواها)، فلا تعرفها صور الأشعة ولا فحوص الدم، بحر يسكن فينا وما زلنا نقف على ساحله، وهو الذي أخرج لنا كل الصور الجميلة من حيث لا ندري.

الطريق إلى السنة إجباري

الكسر في الأصول لا يَنْجبِر

عبد ربه وأسير ذنبه

أ.د وليد مصطفى شاويش

عَمان الرباط

3 -رمضان-1445

14-3-2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to top