(أولئك لهم الأمن)

أولا: الأمن في الظروف لا من الظروف:

1-قال تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82) الأنعام، فأفاد تقديم (أولئك) في الآية الكريمة اختصاص المؤمنين بالأمن، دون غيرهم من الكافرين، ولكن يعترض على ذلك بأن الأمن في ديار الكفر والعالم الإسلامي يعج بالخائفين واللاجئين!

 2-قلت: إن الأمن للمؤمنين ليس من الظروف، بل الأمن في الظروف، والأمن للمؤمنين لا ينافي الخوف الطبيعي كخوف موسى عليه السلام، وحزن أبي بكر في الغار، فهذا أمر طبيعي، لا يختلف فيه الناس، ولكن الله تعالى يؤمن المؤمن وهو في مواطن الخوف، قال تعالى: (إذ يغشيكم النعاس أَمَنة منه)، أما الكافر  فهو في ضَنَك ولو كانت الحراسة تحفه من كل جانب.

ثانيا: الفلسفة الدنيوية:

تقوم الفلسفة الدنيوية الحداثية على ثالوث: الخوف، السلطة، المنفعة، وهي أركان الجزع البشري من الموت، والقلق على زوال اللذات، لأن الكافر فَقَد معنى الغيب والأمل بعد الموت، الذي يمنح الإنسان الأمان في الدنيا، ويعتقد الكافر أنه بعد نهب اللذات في الدنيا، سيؤول بعد الموت إلى زبالة من الكيمياء، وحثالة من البيولوجيا، فهذا من أين سيأتيه الأمن ولو كان في قصور مشيدة.

ثالثا: فلسفة الحداثة وصناعة التوحش:

إن ثالوث الحداثة القائم على: الخوف، السلطة، المنفعة، هو الذي أنتج الحروب الاستعمارية المتوحشة التي أهلكت الحرث والنسل، وهي سبب ظاهر ة اللاجئين في العالم، واستئثار القلة بالثروة، التي أهلكت الجياع والفقراء، فكان الشرك بالله تعالى هو سبب الخوف والهلاك، كما أن الإيمان بالله تعالى هو سبب الأمن والأمان حسبما بينته الآية الكريمة.

رابعا: الشريعة حارسة الأمن:

إن الفساد في الأرض هو مقدمة سفك الدماءقال تعالى: (قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ)، وقد حرمت الشريعة الكبائر، لما فيها من العدوان والظلم، الذي يؤدي هلاك الحرث والنسل، وأوجبت لزوم الجماعة، حراسة للأمن، وعدم الخروج على المجتمع بالسلاح، ووجوب إنكار المنكر لردع الظالم، فالأمن والأمان مقصد شرعي يحرسه الدين وأهله.

الطريق إلى السنة إجباري

الكسر في الأصول لا ينجبر

عبد ربه وأسير ذنبه

أ.د وليد مصطفى شاويش

عَمان الرباط

27 -ربيع الثاني-1443

 3-12-2021

3 thoughts on “(أولئك لهم الأمن)

  1. ديسمبر 3, 2021 - غير معروف

    الحمد لله الذي جعلنا مسلمين، ورزقنا ذاك الامان من فضله؛ فالمسلم بين أمرين إما صبر واما شكر ،ولنا في هذا الامان والثبات، الرضا في الدنيا والثواب في الاخرة.

  2. ديسمبر 3, 2021 - غير معروف

    أحسنت وابدعت بوركت وجزاك الله خيرا افرحتني من كل قلبي حفظكم الله وجعلك درع لدينه ولرسوله والأمة الإسلامية وكشف الله بك الغمه وزادكم من فضله العظيم.

  3. ديسمبر 5, 2021 - غير معروف

    موفق الأستاذ والفقيه المحقق المدقق. تبدع دائما وتتمتع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to top