بين يدي الساعة زغل في الفكر وزلل في الواقع

1-ضبط الحقيقة الشرعية في التعريفاـت:

إن الحقائق الشرعية كالربا والسحر والهبة والجهاد والبغاة والفطرة والجبلة والإلحاد  واضحة في التعريفات العلمية الدقيقة في المصادر الفقهية في المذاهب المتبوعة ومحررة أيما تحرير، فإذا اتضحت الحقيقة في الذهن، واستطاع الفقيه تصور الواقع على حقيقته كما هو فإنه عندئذ ينزل الحكم على الواقعة محل الحكم بدقة، وهو عند الأصوليين ما يعرف بتحقيق المناط، وهو تصور انطباق كليات الفقه على جزئياته الحادثة، أو أن يثبت الحكم بمدركه (دليله) ولكن يبقى النظر في تعيين محله.

2-الفكر الديني المعاصر وزغللة العين في التعريفات:

أما بعد ظاهر الفكر الديني المعاصر الذي أراد أن يعيد النظر في النص، وتجاوز المذاهب المتبوعة لم يجد له مصادر دقيقة في التعريفات، بل تذمر من التعريفات العلمية الشرعية واتهمها بأنها ألغاز، هذا من حيث التصور في الذهن، أما من حيث الواقع فقد قفز الواقع قفزات سريعة في عشر سنين ما لم يكن في مائة عام، في الدولة والمعارف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

3-طلسمة  في محل الحكم بسبب ضبابية التعريف:

 فكما اختلطت الحقيقة الشرعية في الذهن على مستوى الكفر والإيمان، سواء بتكفير الغلاة أهل الشهادتين، أو انحلال الجفاة بزعم نجاة الكافر الذي جحد النبوة وقد بلغته الدعوة صحيحة، حصل أيضااختلاط آخر في تشخيص محل الحكم بسبب فساد تصور الحقائق الشرعية في الذهن، وصار الأمر إلى ظلُمة في الفكر، وطلسمة في الواقع، ومن لا يعرف الفقه كتب فيه ، بناء على فكرة التجديد الديني وإعادة النظر في النص وتجاوز المذاهب المتبوعة، وشيوح حالة الحول المعرفي الذي سمح للحداثة المدعومة بالسياسة والمال.

4-المشكلة والحل:

– وليس صراع الفكر الديني حول قضية غزة وهي أعدل القضايا إلا نتاجا للحول المعرفي في الحقائق في الذهن وطلسمة محل الحكم، مما أدى إلى لَبس الجهاد بالخوراج وقطع الطريق، واختلاط الإيمان بالكفر فما بالك بالفروع الفقهية؟! والحل ليس صعبا، بل هو في متناول اليد، بإعادة ضبط الحقائق الشرعية في الذهن في التعريفات في المدرسة الفقهية السنية في مذاهبها المتبوعة، وضرورة تقدير جهود علماء السنة في تلك التعريفات لحماية الشريعة من سيولة المعرفة الهلامية.

-وزاد الطين بلة والمريض علة التباس الاجتهاد بالتقليد، وانقلبت الحقائق الشرعية في أسماء وهمية، مثل: التباس الفطرة بالجبلة، ناهيك عن التبرع الملزم، وهبة بشرط السداد، والأجرة المتغيرة! وتوحيد أبي جهل بالربوية والإمام النووي وقع في البدعة، وهلم جرا من انقلابات الشريعة، ورأى الناس المعروف منكرا والمنكر معروفا، ثم أمروا بالمنكر ونهوا عن المعروف، وأحاديث أشراط الساعة تتواتر معانيا على انقلاب الدين والدنيا.

***الخلاصة:

إن هجران المدرسة الفقهية السنية بذريعة إعادة النظر في النص، وتنقية التراث، مع تقلبات حادة في الواقع الدنيوي، والتباس رتبة التقليد والاجتهاد، كل ذلك أدى إلى ظهور الزيف المقدس، والشريعة الوهمية وانتشار الشقاق بين المسلمين في حقائق شرعية أساسية كالجهاد والإمامة والفطرة والإلحاد، والكفر والإيمان، وما زال الدين محفوظا، في مصادر الفتوى المعتمدة في المذاهب الأربعة، التي هي السنة المحكمة في عمل السلف، لوقف نزيف الفكر الحداثي الذي يقوم على إعادة النظر في النص وتجاوز التراث.

الطريق إلى السنة إجباري

الكسر في الأصول لا يَنْجبِر

عبد ربه وأسير ذنبه

أ.د وليد مصطفى شاويش

عَمان الرباط

26 -شعبان-1445

7-3-2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to top