استدلت كل طائفة لمذهبها بالكتاب والسنة الصحيحة، ولكن مشكلتها كانت في فساد النظر في النص الصحيح الثابت، وقد أكد الكتاب العزيز أن آفة أتباع المتشابه أنهم يتبعون الكتاب العزيز ما تشابه منه، مع أن الكتاب قطعي الثبوت، وحبس عمر رضي الله عنه صَبيغا لأنه كان يثير المتشابهات، وطرد مالك رحمه الله صاحب البدعة لأنه أثار المتشابه في الكتاب، فكل ضلالات التشبيه والتعطيل، والغلو والإرجاء، والجبر والقدر، كانت في فهم كتاب الله تعالى، وإعادة تفسير النص الديني الصحيح مع فساد النظر يعني إعادة إنتاج كل تلك الطوائف، وقد حصل فعلا، في زمن ليس حاكم كعُمر يحبس صَبيغا، ولا مالك قائم بسلفه، ولا أبو حنيفة بقياسه، ولا الشافعي ببيانه، ولا أحمد بأثره، وصار الأمر إلى المجدد ابن الجيران، وزبائن التواصليات، في ركوب المتشابهات والتزلج على المذاهب المعتبرة، حقا أُسند الأمر إلى غير أهله، وقد ولدت الأمة ربتها.