1-في الخلاف الفقهي المعتبر على مذهبنا لو استهلك المضحي كل الأضحية ولم يتصدق منها، فهذا مكروه ولا يُخل بصحة الأضحية ولا إثم فيه، ولا يخرج المضحي عن إذن الشارع، لأنه خلاف معتبر، وللمضحي حظه بالقصد الثاني ولا يهْدِم القصد الأول بارتكابه المكروه، والسؤال القوي: إذا قلنا بجواز استهلاكها جميعا للمضحي فهذا مأذون فيه وهو مصلحة، وإذا لم يخرج منها للفقير فقد خالف مذهب الشافعي وهنا تعارضت المصلحة في مذهبكم والمفسدة في مذهب الشافعي وهذا اضطراب في مقاصد الشريعة، لتعارض المصلحة مع المفسدة.
2-نقول إن هذا التعارض بين المصلحة على مذهبنا في جواز استهلاكها كلها من المضحي، وبين المفسدة بناء على مخالفة وجوب التصدق بجزء منها، إن التعارض هنا بالاعتبار في ظن المجتهد، وليس فيما هو عند الله تعالى في نفس الأمر، فلَما جعل الله أجرين للمصيب وأجرا للمخطئ، تبين أن كِلا القولين من المصلحة الشرعية المأجورة عند الله، والقولان مصلحة شرعية مأجورة، بصرف النظر عن ظن المجتهد أصاب أو أخطأ، والله-سبحانه- لا يُثيب أجرا على المفسدة، فمن أكلها كلها فهو في مصلحة شرعية ومأجورٌ لأن الخلاف معتبر، والمفسدة تكون بمخالفة الإجماع، وليست في الخلاف المعتبر، لأن ما أذن الله به من تعدد الاجتهاد لا يكون مفسدة، والله لا يحب الفساد.