إذا تم تأويل النصوص الشرعية في صفات الإله تأويلا مستنسخا من الطبيعة بفيزياء الأجسام في المكان والزمان والحركة والانتقال والهرولة والنزول والثقل، فمن السهل تأويل النبوة بالطبيعيات أيضا، وهو ردها إلى مقولة المقتضي، التي تزعم بأنه إذا قام المقتضي لفعل رسول الله ولم يفعل، مع إمكان الفعل، وعدم المانع فيكون بدعة، فالمقتضي لفعل النبي صلى الله يُقدِّره الشيخ الإنسان، حيث يقدر الإنسان للنبوة ما تقتضي أن تفعله، وليس المقتضي خطابا إلهيا من نص الكتاب والسنة، وعليه تكون الإلهيات والنبوات رُدَّت إلى الطبيعي الإنساني، وهي أنْسَنَة الدين في الإلهيات والنبوات، ورَدَّ عمومات الكتاب والسنة وإطلاقاتهما، وأبطل أقيسة الشريعة ومصالحها ووسائلها، وحَوَّل الشريعة من الخطاب الوجودي إلى عدم الخطاب، وهو الفراغ الذي يحُل فيه الاستحسان الإنساني بدلا من الخطاب الشرعي الوجودي، وهو سبب انقلاب الشريعة بين يدي الساعة، وتحوُّل السنن إلى بدع والبدع إلى سنن، حيث أصبح عدم الدليل دليلا والدليل عدما، حقا ولَدَت الأمة ربتها إذ رُدَّت الألوهية والنبوة إلى الاستحسان الإنساني، وإن الخلل في الجزئي ليس كالخلل في الكلي.