1-إن الصمت الدولي أو التحفظ أو الامتناع عن التصويت ليست تركا محضا في القضايا التي فيها العدوان والظلم والمجازر التي ترتكب بحق الأمة في فلسطين والشام والعراق، بل هي ترك مقصود أي هي موقف لا توقُّف، وهو موقف يؤدي إلى تمكين المجرم من إكمال مجزرته بصمت، كالذين يتركون الأمر المعروف والنهي عن المنكر مع اطلاعهم عليه، وقدرتهم على إنكاره، جاء في مراقي السعود: فــكـــفـــنـــا بــالـــنـــهـــي مـــطــــلــــوب الـــنــــبــــي***والــــــتــــــرك فــــــعــــــل فــــــــــــي صــــحــــيــــح الــــمــــذهــــب، لذلك نقول إن أصول الفقه هو خارطة التفكير الإنساني، ويجب أن يأخذ دوره اللائق في ردِّ البوائق، لذلك نقول دائما الكسر في الأصول لا ينجبر.
2- وما يدهشني أن أدلة الأصوليين على أن الترك المقصود فعل، هي الآيات في بني إسرائيل، حيث قال رب العزة: (وَتَرَىٰ كَثِيرًا مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (62) لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (63)، فهذه الآيات تتنزل على محلها في الصمت الدولي مع بني إسرائل بلا أدنى تكلف، بل تتناوله بظاهره، في قياس مع القطع بنفي الفارق.
3-وبناء على أصل أن الكافرين مخاطبون بفروع الشريعة، فإن الذين يظنون أنهم صامتون أو متحفظون مع قيام الجريمة أمامهم، وتركهم ما يستطيعون لوقف الجريمة، هم شركاء في الجريمة، لأن تركهم المقصود فعل يحاسبون عليه، وقد بينت أنواع الترك من العدم المحض، والمقصود في كثير من المقالات، تحت عنوان حجية مقولة: لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الطريق إلى السنة إجباري
الكسر في الأصول لا يَنْجبِر
عبد ربه وأسير ذنبه
أ.د وليد مصطفى شاويش
عَمان الرباط
23 -ربيع الآخر-1445
6-11-2023