يحسب بعض الناس أن انحياز فقهاء المذاهب إلى مذهب الحنفية في إخراج القيمة نقدا في صدقة الفطر أن المسألة جزئية في هذه المسألة، وأنهم يتخلَّون عن مذاهبهم التي هي على خلاف مذهب الحنفية، إن المسألة كلية، فهي أن الاجتهاد من مجتهد لا يبطله اجتهاد مجتهد آخر، وهذا في المجتهدين، فكيف بجمهور الناس الذي لم تثبت لهم درجة الاجتهاد المطلق، وهم يهدمون اجتهاد الإمام بأقوال العوام، ويقطعون بآرائهم في موارد الظن في صدقة الفطر، ويظنون في موارد القطع في الشرب أثناء الأذان الثاني، فهذا ليس مسألة بعينها، بل هي ظاهرة دينية نمطية تنسحب على الشريعة كلها، فتصبح القطعيات ظنيات، والظنيات قطعيات، وهو من تقلبات التدين بين يدي الساعة، حقا ولدت الأمة ربتها.