اضطرب الفكر البشري المعاصر في علاقة الفرد بالجماعة، فمنهم من طحن الفرد من أجل الجماعة كما هو الحال في الاشتراكية، ومنهم من قدم الفرد وجعله قطب الرحى كالرأسمالية، والجماعة هي نتيجة نفع الفرد لنفسه فينفع غيره، أما الشاطبي فقد أقام جدار فروض الكفايات أولا بوصفها حامية لفروض الأعيان، إذ لو ضاعت فروض الكفايات كالزراعة والقضاء والدولة ضاع فرض العين لفقدان قوام عيش الأفراد، ثم فات فرض العين، ثم يأتي بعد ذلك فرض العين بوصفه مقيما لحياة الفرد الصالح في بناء الجماعة، ثم تأتي بعد ذلك مصالح الأفراد الجائزة في إشباع حاجات الأفراد لطبيعتهم في الزواج والبيوع وهكذا، حيث يسعى العبد في نفع نفسه فيحصل بذلك نفع الجماعة، فهذه جدُر حماية ثلاثية مرتبة في تشكيل المجتمع، وبنائه بعيدا عن كليات الحداثة في صراعها بين الفرد والجماعة، والمرأة والرجل، والإنسان والطبيعة، والحاكم والمحكوم إلخ.