إن آفة الفكر الديني المعاصر هي ظاهرة المتناقضات المخترعة، فيخترع التعارض بين المذهب الفقهي والكتاب والسنة، ثم يرجح الكتاب والسنة على أقوال المجتهدين، مع أن الكتاب نفسه أحال على الذين يستنبطونه منهم، فقال: (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰٓ أُوْلِى ٱلْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسْتَنۢبِطُونَهُۥ منهم) فمشكلة التجديد بلا جديد أنه يتوهم التعارض بين الكتاب والسنة مع المذهب الفقهي للمجتهد، بل رجح بعض آية على بعض آية في الآية الواحدة، فيأخذ قوله تعالى: (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰٓ أُوْلِى ٱلْأَمْرِ مِنْهُمْ) ويردُّ به قوله تعالى: (لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسْتَنۢبِطُونَهُۥ منهم)، (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)، فقد تشابه الكتاب عليهم فأخذوا بعض الكتاب وأعرضوا عن بعض، وهذا هو التفكير الجزئي الذي يهدد الشريعة، فأقوال المجتهدين هي ثمرة الاجتهاد في الكتاب والسنة، والله تعبدنا أي كلَّفا بسؤال العلماء والعمل بأقوالهم، ولا ترجيح بين الشجرة والثمرة، إلا أن تحرق الثمرة ولا فائدة من الشجرة عندئذ.