تمهيد:
ما زلت بصدد التحذير من التشوهات المعرفية التي خلفتها المشتركات اللفظية، ومع أنه من الطبيعي أن تكون هناك مشتركات لفظية في اللغة، ولكن ليس من الطبيعي أن تشوه المعرفة بسبب اختلاط معاني مختلفة للفظ واحد، ثم نرى التصرفات الشاذة في المجتمع بسبب التشوه المعرفي، وقد أشرت سابقا إلى الديمقراطية والمدنية بوصفهما مشتركين لفظيين أدّيا إلى اضطراب في الفهم، وشقاق غير سائغ في المجتمع، بسبب عدم تحرير المشترك اللفظي، وآثرت أن أشير اليوم إلى مشترك لفظي آخر، هو الزواج العرفي، وله معنيان:
أولا: زواج الصحيح ويسمى زواجا عرفيا:
تعارف جيل الآباء والأجداد على انعقاد عقد الزواج بجميع أركانه وشروطه، من ولي ومهر وشهود وإعلان، حيث لم تكن العادة التوثيق في وقتهم، حتى برزت المحاكم الشرعية الحديثة المعنية بتسجيل عقود الزواج حسب الأصول، يعني أن دور المحكمة هو التوثيق في السجلات، فإن تم العقد شفهيا بكل شروطه وأركانه فهو صحيح، ولكننا ندعو إلى التوثيق في المحكمة خوفا من ضياع الحقوق، يعني هذا الزواج صحيح شرعا تماما، ولكنه يحتاج توثيقا في المحكمة.
ثانيا: زواج فاسد ويسمى زواجا عرفيا:
نسمع بما يسمى زواجا عرفيا، كأن يكتب رجل وامرأة بينهما ورقة على أنهما متزوجان، دون اكتمال شروط العقد الصحيح، كالشهود العدول المَرْضيين، ويتم ذلك سرا، وفي الغالب يكون تغريرا من رجال فاسدين ببعض النساء، وإيهامهن بأن الزواج العرفي مشروع، وغالبا ما تكون المرأة ضحية لمثل هذا النوع من الزواج الفاسد، والسبب هو التغرير بالضحايا بسبب المشترك اللفظي، وهو الزواج العرفي، الذي أطلق على زواج صحيح وهو النوع الوارد في أولا، وعلى زواج فاسد، وهو النوع الوارد في ثانيا، مما أدى إلى طمس الزواج الصحيح، وإدخال المجتمع في حالة من الحيرة والشك، أصبحت تنتج تصرفات شاذة عن الشريعة.
ثالثا:توصيات:
1-لا بد من سحب هذا المشترك اللفظي من التداول المعرفي.
2-استعمال الزواج الصحيح والفاسد، والتحذير من تعاقدات الزواج غير الموثقة في المحكمة.
3-التحذير من لغة الإعلام التي تشوش على المصطلحات الشرعية، وتضخ مفردات غامضة تنافس المصطلح الشرعي في التداول.
4-عندما يكون عقد الزواج ممكن التوثيق في المحكمة، ولا يقبل به أحد أطراف التعاقد، ربما يكون ذلك علامة تحذيرية من وجود نوايا غير صادقة.
5-تحذير النساء خاصة من الاستدراج إلى الزواج الفاسد، بحجة أنه سيوثق في المستقبل.
6-النية الصالحة لا تصلح العمل الفاسد، والعبرة بموافقة الشرع ظاهرا وباطنا.
مقالة ذات علاقة:
1-خطورة المشترك اللفظي على المعرفة(1) الدولة المدنية والمجتمع المدني نموذجا.
2-خطورة المشترك اللفظي على المعرفة (2) الديمقراطية الإدارية والديمقراطية الفلسفية
د. وليد مصطفى شاويش
الطريق إلى السنة إجباري
وكتبه عبد ربه وأسير ذنبه
د. وليد مصطفى شاويش
عمان المحروسة
7-5-2017
جزاك الله خيرا دكتور وليد